دَنَا إِلى يَسُوعَ أَحَدُ الكَتَبَة، وكَانَ قَدْ سَمِعَهُم يُجَادِلُونَهُ، ورَأَى أَنَّهُ أَحْسَنَ الرَّدَّ عَلَيْهِم، فَسَأَلَهُ: «أَيُّ وَصِيَّةٍ هِي أُولَى الوَصَايَا كُلِّهَا؟».
أَجَابَ يَسُوع: «أَلوَصِيَّةُ الأُولَى هِيَ: إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيل، أَلرَّبُّ إِلهُنَا هُوَ رَبٌّ وَاحِد.
فَأَحْبِبِ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وكُلِّ نَفْسِكَ، وكُلِّ فِكْرِكَ، وكُلِّ قُوَّتِكَ.
والثَّانِيَةُ هِيَ هذِهِ: أَحْبِبْ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ! ولا وَصِيَّةَ أُخْرَى أَعْظَمُ مِنْ هَاتَينِ الوَصِيَّتَين».
فقالَ لَهُ الكَاتِب: «أَحْسَنْتَ يَا مُعَلِّم، بِحَقٍّ قُلْتَ: وَاحِدٌ هُوَ الله، لا إِلهَ آخَرَ سِوَاه.
وحُبُّ اللهِ مِنْ كُلِّ القَلْب، وكُلِّ العَقْل، وكُلِّ القُوَّة، وحُبُّ القَريبِ كَالنَّفْس، هُمَا أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ الذَّبَائِحِ والمُحْرَقَات».
ورَأَى يَسُوعُ أَنَّ الكَاتِبَ أَجَابَ بَحِكْمَة، فقَالَ لَهُ: «لَسْتَ بَعِيدًا مِنْ مَلَكُوتِ الله». ومَا عَادَ أَحَدٌ يَجْرُؤُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيء.
عِظَاتٌ لِأَيَّامِ ٱلْآحَادِ وَأَعْيَادِ ٱلْقِدِّيسِينَ
فَأَحْبِبِ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ". لَقَدْ قِيلَ "إِلٰهَكَ"، وَهٰذَا سَبَبٌ لِتُحِبَّهُ أَكْثَر؛ نُحِبُّ أَكْثَرَ مَا هُوَ لَنَا مِمَّا هُوَ غَرِيبٌ عَنَّا. إِنَّهُ أَمْرٌ أَكِيدٌ، إِنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحَبَّ؛ لَقَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ خَادِمًا لَكَ، لِكَيْ تَصِيرَ لَهُ وَلَا تَخْجَلَ مِنْ خِدْمَتِهِ... خِلَالَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، جَعَلَ إِلٰهُكَ مِنْ نَفْسِهِ خَادِمًا لَكَ، بِسَبَبِ خَطَايَاكَ، لِكَيْ يَنْتَشِلَكَ مِنْ عُبُودِيَّةِ ٱلشَّيْطَانِ. أَحْبِبِ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ إِذًا. هُوَ ٱلَّذِي صَنَعَكَ، وَجَعَلَ مِنْ نَفْسِهِ خَادِمًا لَكَ، بِسَبَبِكَ؛ لَقَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ كَامِلَةً لَكَ، لِكَيْ تَبْذُلَ نَفْسَكَ لِأَجْلِهِ. عِنْدَمَا كُنْتَ تَعِيسًا، أَعَادَ لَكَ فَرَحَكَ، بَذَلَ نَفْسَهُ لِأَجْلِكَ لِكَيْ يُعِيدَ نَفْسَكَ إِلَيْكَ."أَحْبِبِ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ" إِذًا. فَكَلِمَةُ "كُلِّ" تَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ بِإِمْكَانِكَ أَنْ تَحْتَفِظَ لِنَفْسِكَ بِأَيَّةِ قِطْعَةٍ مِنْكَ. إِنَّهُ يُرِيدُ تَقْدِمَةَ نَفْسِكَ كَامِلَةً. لَقَدِ ٱشْتَرَاكَ كَامِلًا بِكُلِّ نَفْسِهِ، لِكَيْ يَمْتَلِكَكَ، وَحْدَهُ، أَنْتَ بِكَامِلِكَ. "أَحْبِبِ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ" إِذًا. لَا تَحْتَفِظْ لِنَفْسِكَ، كَحَنَنْيَا وَسَفِيرَةَ، بِقِسْمٍ مِنْ نَفْسِكَ، لِأَنَّكَ عِنْدَهَا يُمْكِنُ أَنْ تَهْلِكَ مِثْلَهُمَا (رَاجِع أَع ٥: ١). أَحْبِبْ إِذًا كُلِّيًّا وَلَيْسَ جُزْئِيًّا. لِأَنَّ ٱللّٰهَ كُلٌّ لَا يَتَجَزَّأُ؛ إِنَّهُ كَامِلٌ فِي كُلِّ مَكَانٍ. لَا يُرِيدُ تَجْزِئَةً فِي كِيَانِكَ، هُوَ ٱلْكَامِلُ فِي كِيَانِهِ. إِذَا أَبْقَيْتَ لِنَفْسِكَ جُزْءًا مِنْ نَفْسِكَ، فَأَنْتَ لِنَفْسِكَ، وَلَسْتَ لَهُ.هَلْ تَرْغَبُ إِذًا بِٱمْتِلَاكِ كُلِّ شَيْءٍ؟ أَعْطِهِ مَا أَنْتَ، فَيُعْطِيَكَ مَا هُوَ. لَنْ يَكُونَ لَكَ شَيْءٌ مِنْكَ؛ لَٰكِنْ سَيَكُونُ لَكَ كُلُّهُ مَعَ كُلِّكَ أَيْضًا.
#شربل سكران بالله