31 Jan
31Jan


إنجيل القدّيس متّى 28-20:20

دَنَتْ مِنهُ أُمُّ يَعْقُوبَ ويُوحَنَّا ٱبْنَي زَبَدَى، وهُمَا مَعَهَا، وسَجَدَتْ لَهُ تَلْتَمِسُ مِنْهُ حَاجَة.

فقَالَ لَهَا: «مَاذَا تُرِيدِين؟». قَالَتْ لَهُ: «مُرْ أَنْ يَجْلِسَ ٱبْنَايَ هذَانِ في مَلَكُوتِكَ، واحِدٌ عَنْ يَمِيْنِكَ ووَاحِدٌ عَنْ يَسَارِكَ».

فأَجَابَ يَسُوعُ وقَال: «إِنَّكُمَا لا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَان. هَلْ تَسْتَطِيْعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الكَأْسَ الَّتي سَأَشْرَبُها أَنَا؟». قَالا لَهُ: «نَسْتَطِيْع!».

فقَالَ لَهُمَا: «نَعَم، سَتَشْرَبَانِ كَأْسِي. أَمَّا الجُلُوسُ عَنْ يَمِيْنِي وعَنْ يَسَارِي، فَلَيْسَ لي أَنْ أَمْنَحَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَعَدَّهُ لَهُم أَبي».

ولَمَّا سَمِعَ العَشَرَةُ الآخَرُون، ٱغْتَاظُوا مِنَ الأَخَوَين.

فَدَعَاهُم يَسُوعُ إِلَيْهِ وقَال: «تَعْلَمُونَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُم، وعُظَمَاءَهُم يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِم،

فلا يَكُنْ بَيْنَكُم هكَذَا. بَلْ مَنْ أَرادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُم عَظِيْمًا، فَلْيَكُنْ لَكُم خَادِمًا.

ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بَيْنَكُم، فَلْيَكُنْ لَكُم عَبْدًا،

مِثْلَ ٱبْنِ الإِنْسَانِ الَّذي لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدُم، ويَبْذُلَ نَفْسَهُ فِدَاءً عَنْ كَثِيرِين».



«لأَنَّ ابنَ الإِنسانِ لم يَأتِ لِيُخدَم، بل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفْسِه جَماعةَ النَّاس»

"يا أَبتِ، إِن أَمكَنَ الأَمْرُ، فَلتَبتَعِدْ عَنِّي هذهِ الكَأس" (مت 26: 39). لِمَاذا لُمتَ سمعان بطرس عندما قال: "حاش لك يا ربّ! لن يصيبك هذا!" (مت 16: 22)، وها إنّك تقول الآن "إِن أَمكَنَ الأَمْرُ، فَلتَبتَعِدْ عَنِّي هذهِ الكَأس؟" إنّ الربّ يسوع كان يعرف جيّدًا ما يقوله لأبيه، وإنّه كان من الممكن أن تبتعد تلك الكأس، لكنّه ما جاء إلاّ ليشربها من أجل الجميع وليسدّد بها الدين الذي لم يقدر موت الأنبياء والشهداء تسديده... إنّ ذلك الذي، من خلال الأنبياء، وصف تسليمه إلى الموت وأعطى صورة مسبقة عن سرّ موته من خلال موت الأبرار، لم يرفض أن يتجرّع هذه الكأس، عندما حان الوقت لإتمام ذلك. فلو لم يشأ شربها، بل إبعادها لما قارن جسده بالهيكل عندما قال: "اُنقُضوا هذا الهَيكَل أُقِمْهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام!"، وما كان ليقول لابنيّ زبدى: "أَتَستَطيعانِ أَن تَشرَبا الكأسَ الَّتي سأَشرَبُها، أَو تَقبَلا المَعمودِيَّةَ الَّتي سَأَقبَلُها؟". وأيضًا عندما قال: "وعَلَيَّ أَن أَقبَلَ مَعمودِيَّةً، وما أَشَدَّ ضِيقي حتَّى تَتِمّ" (لو 12: 50).


"يا أَبتِ، إِن أَمكَنَ الأَمْرُ، فَلتَبتَعِدْ عَنِّي هذهِ الكَأس". لقد قال ذلك بسبب الضعف الذي لبسه طوعًا، لا ظاهريًّا إنّما بالفعل. لأنّه جعل نفسه صغيرًا واتّسم فعلاً بضعفنا، كان عليه أن يخاف ويتزعزع في ضعفه. فلأنّه صار من لحم ودم، ولأنّه اكتسب الضعف، ولأنّه كان يأكل عندما يجوع ويتعب عندما يعمل ويغلبه النعاس، كان يجب أن يتمّم كلّ ما يتأتّى من الجسد عندما حانت ساعة موته.


لقد شعر الرّب يسوع بما شعر به تلاميذه لكي يعزّيهم بآلامه، وأخذ خوفهم ليظهر لهم أنّه يجب عدم التباهي بموضوع الموت قبل الخضوع له. وبالنتيجة، إذا شعر ذلك الذي لا يخشى شيئًا بالخوف وطلب أن يُخَلَّص، رغم أنّه كان يعرف أنّ ذلك مستحيل، فكم بالحري يجب أن يثابر الآخرون على الصلاة قبل التجربة كي يخلصوا عندما يتعرّضون لها... ولكي يشجّع الذين يخشون الموت، لم يخفِ خوفه ليعرفوا أنّ هذا الخوف لا يوقعهم في الخطيئة طالما أنّهم لا يبقون فيها. "يا أَبتِ... لا كما أَنا أَشاء، بَل كما أَنتَ تَشاء". فلأمُت لكي أعطي الحياة لكثيرين.

#شربل سكران بألله 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.