31 May
31May


إنجيل القدّيس يوحنّا 7-1:14

قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِه: «لا يَضْطَرِبْ قَلْبُكُم! آمِنُوا بِٱللهِ وآمِنُوا بِي.

في بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَة، وإِلاَّ لَقُلْتُهُ لَكُم. أَنَا ذَاهِبٌ لأُعِدَّ لَكُم مَكَانًا.

وإِذَا مَا ذَهَبْتُ وأَعْدَدْتُ لَكُم مَكَانًا، أَعُودُ وآخُذُكُم إِليَّ، لِتَكُونُوا أَنْتُم أَيْضًا حَيْثُ أَكُونُ أَنَا.

وأَنْتُم تَعْرِفُونَ الطَّرِيقَ إِلى حَيْثُ أَنَا ذَاهِب».

قَالَ لَهُ تُومَا: «يَا رَبّ، لا نَعْلَمُ إِلى أَيْنَ تَذْهَب، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّريق؟».

قَالَ لَهُ يَسُوع: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ والحَقُّ والحَيَاة. لا أَحَدَ يَأْتِي إِلى الآبِ إِلاَّ بِي.

إِنْ تَعْرِفُونِي تَعْرِفُوا أَبِي أَيْضًا، وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ، وقَدْ رَأَيْتُمُوه».




القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس (1873 - 1897)، راهبة كرمليّة وملفانة الكنيسة

مخطوطة السّيرة الذّاتيّة، أ

«في بَيتِ أَبي مَنازِلُ كثيرة»

لطالما تساءلت عن سبب تفضيلات الله الصالح، ولماذا لا تحصل النفوس كلّها على مستوى النعم نفسه... لقد تكرّم عليّ الرَبّ يسوع بتفسيره لي هذا السرّ، واضعًا أمام عينيّ كتاب الطبيعة. عندئذٍ فهمت أنّ الأزهار التي خلقها هي كلّها جميلة، وأنّ لمعان الوردة وبياض الزنبق لا يزيلان عطر زهرة البنفسج الصغيرة ولا بساطة زهرة الربيع الساحرة. فهمت بأنّ الطبيعة ستفقد لا شكّ زينتها الربيعيّة، وبأنّ المروج لن تبقى عابقةً بالزهور إن كانت الزهور الصغيرة كلّها ترغب في أن تصبح ورودًا.


الأمر سيّان في عالم النفوس ألا وهو حديقة الرّب يسوع. أراد أن يخلق القدّيسين العظماء الذين يمكن تشبيههم بالزنبق والورد، ولكنّه خلق كذلك أزهارًا أصغر ويجدر بها أن تتقبّل كونها زهرة ربيع أو بنفسج من شأنها أن تُفرح نظرات الله الصالح عندما يحيل نظره نحو قدميه؛ إنّ سرّ الكمال يكمن في الخضوع لمشيئته، وفي أن نصبح ما يريدنا أن نكون.


لقد فهمت أيضًا بأنّ حبّ ربّنا يتجلّى في أبسط النفوس التي لا تقاوم أيًّا من نعمه كما في أرقاها على حدّ سواء؛ في الواقع، إنّ ما يميّز الحبّ هو التواضع، ولو كانت النفوس كلّها تشبه نفوس القدّيسين الملافنة الذين أناروا الكنيسة بصفاء عقيدتهم، فإنّه يخيّل إليّ أنّ الله لن يتنازل كثيرًا حيت يأتي إلى قلوبهم. ولكنّه خلق الطفل الذي لا يعرف شيئًا والذي لا يصدر سوى صرخات خفيفة، وخلق المفترس المسكين الذي لا يمتثل سوى لقانون الطبيعة وما يريده من ذلك هو أن ينزل إلى قلوبهم، ذلك أنّ أزهار المروج التي تفرحه موجودة هنا. في نزوله هذا، يبيّن الله عظمته اللامتناهية. وكما تنير الشمس على حدّ سواء الأرْزَ والأزهار الصغيرة وكأنّها وحيدة على هذه الأرض، كذلك يهتمّ ربّنا بكل نفس على حدة وكأنّها فريدة لا شبيه لها.


#شربل سكران بألله 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.