02 Jun
02Jun


إنجيل القدّيس يوحنّا 8-1:15

قالَ الربُّ يَسوعُ: «أَنَا هُوَ الكَرْمَةُ الحَقِيقِيَّةُ وأَبِي الكَرَّام.

كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لا يَحْمِلُ ثَمَرًا يَقْطَعُهُ، وكُلُّ غُصْنٍ يَحْمِلُ ثَمَرًا يُنَقِّيهِ لِيَحْمِلَ ثَمَرًا أَكْثَر.

أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ بِفَضْلِ الكَلِمَةِ الَّتِي كَلَّمْتُكُم بِهَا.

أُثْبُتُوا فِيَّ، وأَنَا فِيكُم. كَمَا أَنَّ الغُصْنَ لا يَقْدِرُ أَنْ يَحْمِلَ ثَمَرًا مِنْ تِلْقَاءِ ذَاتِهِ، إِنْ لَمْ يَثْبُتْ في الكَرْمَة، كَذلِكَ أَنْتُم أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ.

أَنَا هُوَ الكَرْمَةُ وأَنْتُمُ الأَغْصَان. مَنْ يَثْبُتُ فِيَّ وأَنَا فِيه، يَحْمِلُ ثَمَرًا كَثيرًا، لأَنَّكُم بِدُونِي لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.

مَنْ لا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ كَالغُصْنِ خَارِجًا ويَيْبَس. وتُجْمَعُ الأَغْصَانُ اليَابِسَة، وتُطْرَحُ في النَّارِ فَتَحْتَرِق.

إِنْ تَثْبُتُوا فِيَّ، وتَثْبُتْ أَقْوَالِي فِيكُم، تَطْلُبُوا مَا تَشَاؤُونَ فَيَكُونَ لَكُم.

بِهذَا يُمَجَّدُ أَبِي أَنْ تَحْمِلُوا ثَمَرًا كَثيرًا، وتَصِيرُوا لي تَلاميذ.



القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة

شرح لإنجيل القدّيس يوحنّا

«أَنا الكَرْمةُ وأَنتُمُ الأَغصان»

في هذه الفقرة من الإنجيل حيث قال الربّ لتلاميذه إنّه الكرمة وهم الأغصان، كان كلامه بصفته رأس الكنيسة ونحن أعضاؤه وبصفته الوسيط بين الله والنّاس "لأَنَّ اللهَ واحِد، والوَسيطَ بَينَ اللهِ والنَّاسِ واحِد، وهو إِنْسان، أَيِ المسيحُ يسوعُ"(1تم 2: 5). ففي الحقيقة إنّ الكرمة والأغصان هي من الطبيعة ذاتها؛ لذلك، بما أنّه هو الله، ومن طبيعة تختلف عن طبيعتنا صار إنسانًا، حتّى صارت فيه الطبيعة البشريّة كالكرمة التي نستطيع نحن أن نكون أغصانها.


قال الرّب يسوع للتلاميذ: "اثبُتوا فيَّ وأَنا أَثبُتُ فيكم". فهم لم يكونوا فيه كما هو كان فيهم. فهذا الاتحاد المتبادل لا يفيده بشيء: بل إنّ الإفادة كانت لهم. إنّ الأغصان لا تثبتُ في الكرمة لكي تغنيها، بل لتأخذَ منها مبدأ حياتها. والكرمة في الأغصان لكي تبثّ فيها الطاقة المُحيية، لا لكي تتلقّاها منها، فهكذا ثبات الرَبّ يسوع المسيح في التلاميذ وثباتهم في المسيح، فيه إفادة مضاعفة لهم، ولكنّه لا يفيد المسيح أبدًا. فإذا اقتُطِع غصن، ينمو آخرٌ من الجذور التي تبقى حيّةً، فيما الغصن المقطوع لا يحيا منفصلاً عن الجذور.


لو لم يَصِرِ الرَبّ يسوع المسيح إنسانًا لما استطاع أن يكون الكرمة. غير أنّه لا يستطيع أن يعطي هذه النعمة للأغصان لو لم يكن أيضًا الله. ولكن بما أنّنا لا نحيا بدون هذه النعمة، وبما أنّ إرادتنا الحرّة وقعت تحت سيطرة الموت: يضيف الربّ "مَن لا يَثْبُتْ فيَّ يُلْقَ كالغُصنِ إِلى الخارِجِ فَيَيْبَس فيَجمَعونَ الأَغْصان وَيُلْقونَها في النَّارِ فَتَشتَعِل" (يو 15: 6). ولهذا، كما أنّ غصن الكرمة مُحتقَر عندما لا يبقى متّصلاً بالكرمة، هو مُمجَّدٌ عندما يثبت فيها.


#شربل سكران بألله 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.