رؤى الطوباويّة آنا كاثرين إيميريخ عن مِحنة الكنيسة العُظمى، وانتصار قلب مريم الطاهر

1– الجحود الكبير
“حظيتُ برؤيةٍ عن المِحنة الكُبرى! فَهِمتُ أنّه طُلِبَ من الإكليروس، أن يُقدّموا تَنازُلًا (عن الإيمان) غير مُمكنٍ تقديمه. 

فرأيتُ الكثير من الكهنة المُسنّين يبكون بمرارةٍ، وبخاصَّةٍ واحدًا مُحدّدًا من بينهم. كذلك، بعض الكهنة أصغر سنًّا كانوا أيضًا يبكون. غير أنّ الآخرين، لا سيّما الفاترين من بينهم، نَفَّذوا بسُرعةٍ ما طُلِب مِنهم (التّنازُل). وكأنّ النّاس قد انقسَمتْ إلى فريقَين متنازِعَين.

”رأيتُ كيف أنَّ العديد من الرّعاة سمَحوا لأنفسهم بالانجرار بأفكارٍ تُشكِّلُ خَطرًا على الكنيسة.

كانوا يبنون كنيسةً ضخمةً وغريبةً وشاذّةً، لكي تجمع فيها كلّ العقائد بحقوقٍ متساويةٍ : “إنجيليّون، كاثوليك، وكلّ الطّوائف، وحدةٌ حقيقيّةٌ للأشرار، راعٍ واحدٍ لقطيعٍ واحدٍ. ويجب أن يكون هناك بابا (على هذه الكنيسة) يتقاضى أَجْرَه، وليس لديه مُمتلكات. لقد حضّروا كلّ شيء، وأنهَوا الكثير من الأمور، ولكن عوض المذبح، لم يكن هناك سوى رجاسةٍ وخراب.هذه هي الكنيسة الجديدة المُهَيَّئة. ومن أجلها أضرَم هذا البابا النار في الكنيسة القديمة. إنّما ليست هذه إرادةُ الله.


أرى أنّه عندما يقترب المَجيء الثّاني للمسيح، سيقومُ أحد الكهنة بإلحاق ضررٍ كبيرٍ بالكنيسة. عندما يحينُ وقت عهدِ المسيح الدّجال، سيظهرُ دينٌ مزيّفٌ يتعارض مع وحدة الله وكنيسته. وهذا ما سيؤدّي إلى أكبر انشقاقٍ عَرفَهُ العالم على الإطلاق.كلّما اقتربت النّهاية، انتشر ظلامُ الشّيطان أكثر على الأرض، وزاد عدد أبناء الفساد، وقلّ عددُ الصّالحين بالمقابِل… ”“سيعود اليهود إلى فلسطين، وسيصيرون مَسيحيّين مع اقتراب نهاية العالم.

2– الكنيسة الجديدة المُزيّفة

“رأيتُ كنيسةً غريبةً تُبنى خلافًا لكلّ مَبْدءٍ… لم يُشرِف أيٌّ من الملائكة على بِنائها. في تلك الكنيسة، لم يأتِ شيءٌ من السّماء… كان فيها فقط كلُّ انقسامٍ وفوضى. 

على ما يبدو أنّها كنيسةٌ صنعُ البشر، تتبعُ أحدثَ صيحاتِ الموضة…رأيتُ الكنيسةَ الضَّخمة الغريبة الّتي بُنِيت هناك في روما. 

لم يكن هناك فيها أيُّ شَيءٍ مقدّسٍ! وقد بدا عمَلُ بنائها ناجحًا جدًّا، ولكنّي رأيتُ خَلْفها من بعيدٍ عرشَ أناسٍ قُساةٍ مسلّحينَ بالرّماح. ورأيتُ أيضًا عبارةً (أو رمزًا ما) مُضحِكةً تقول:
“إبنوها صَلبةً بقدر ما تشاؤون، لأنّنا سنُحطِّمها أرضًا.” 


3- زمن بابويَن
“رأيتُ ارتباطًا بين بابوَين... كما رأيتُ مدى أذيَّة عواقبَ هذه الكنيسة المُزيّفة. رأيتُها يزدادُ حَجْمُها: هرطقاتٌ من كلّ الأنواع تدخُل إلى مدينة روما، والإكليروس المحلّيّ يزدادُ فُتورًا. رأيتُ ظُلْمَةً عظيمةً!
ثم بدا لي أنّ الأحداثُ تمتدُّ على كلّ ميلٍ. كانت الجماعات الكاثوليكيّة بأكملها تتعرّضُ للقمع والمضايقات والحبس، وتُحرمُ من حُرّيتها. رأيتُ العديد من الكنائس مُقفلةً، مآسٍ عظيمةً في كلّ مكان، وحروبًا، وسفكَ دماء. رأيتُ حُشودًا بَربريّةً وجاهِلةً تقومُ بأعمال عُنفٍ، غير أنّ ذلك لم يَدُمْ طويلًا …”


4- الأب الأقدس
“لقد رأيتُ الأب الأقدس مُحاطًا بالخائنين، وفي قلقٍ كبيرٍ على الكنيسة. لقد مُنحَ رؤًى وظهوراتٍ عندما كان في أكثر احتياجٍ إليها. رأيتُ الكثير من الأساقفة الأتقياء، غير أنَّهم كانوا ضُعفاءَ ومُتردّدين، فغالبًا ما سيطَر الجُبْنُ عليهم… ثم رأيتُ الظّلام ينتشرُ حول الأب الأقدس، وما عاد الناس يطلبون الكنيسة الحقيقيّة
رأيتُ الأبَ الأقدس يُعاني بشدّةٍ عظيمةٍ. يعيشُ في قصرٍ مغايرٍ عن السّابق. ولا يَسمحُ إلّا بعددٍ قليلٍ من الأصدقاء بالتّقرّب منه. أخشى أنَّه على الأب الأقدس أن يعاني الكثير من الصّعاب قبل موته. رأيتُ أنّ كنيسة الظّلام المُزيَّفة تُحرِزُ تَقدَّمًا، ورأيتُ تأثيرَها المُرعِب على البشر. إنَّ الأب الأقدس والكنيسة في محنةٍ كبيرةٍ لدرجة أنّه يجب على المرء أَن يتوسَّل اللهَ ليل نهار…طُلِبَ منّي أن أصلّي كثيرًا من أجل الكنيسة والبابا… كما يتوجّب على الناس جميعًا، أن يصلّوا بجَدِّيّةٍ من أجل اقتلاع كنيسة الظّلام من جذورها..


لقد نُقلتُ اللّيلة الماضية إلى روما، وكان الأب الأقدس غارقًا في حزنه، وكان لا يزال مختبئًا بعيدًا عن المطالب الخطيرة (الّتي وجِّهَتْ إليه). فهو لا يزال ضَعيفًا للغاية، ومُرهقًا بسبب الأحزان والهُموم والصّلوات.لا يستطيع أن يثقَ إلّا بقلّةٍ من النّاس. هذا هو السّبب الرئيسيّ لاختبائه! لكنّ كاهنًا مُسنًّا لا يزال يعيش معه، وهو يتمتّع بكثيرٍ من البساطة والتّقوى. إنّه صديقُه، وبسبب بساطته لم يفكّروا بضرورة إزالته من قُربه.


يتلّقى هذا الكاهن الكثير من النّعم من الله، إنّهُ يرى ويلاحظ الكثيرَ من الأمور، وينقلها بأمانةٍ إلى الأب الأقدس. طُلِب منّي إبلاغه، أثناء صلواته (بإلهام)، أن يأخذ حَذره من الخائنين وفاعلي الشّرور، الّذين نجدهم بين كبار الموظّفين المُقيمينَ بالقرب منه.


وجدتُ نفسي بالقرب من كنيسة القديسة مريم الكبرى Maria Maggiore، (تقعُ على مقرُبةٍ من كاثدرائية القديس بطرس) ورأيت الكثير من النّاس المساكين الّذين كانوا يشعرون بالحزن الشّديد والقلق، بسبب اختفاء البابا عن الأنظار، كذلك بسبب الاضطرابات والشائعات المُقلقة المُنتشِرة في المدينة… (روما)


ثم رأيتُ ظهورًا لأمّ الله، الّتي قالت أنَّ المحنة ستكون عظيمةً جدًا. وأضافت أنّه يجب على الناس أن يصلّوا بحرارةٍ، بذراعَين مَمدودتَين، ويتلوا ثلاث مرّات صلاة “الأبانا”، كما كان ابنُها يُصلّي من أجلهم على الصّليب. يجب أن ينهضوا من النّوم عند منتصف اللّيل، ويُصلّوا بهذه الطريقة، وأن يستمرّوا في الذهاب إلى الكنيسة. يجب أن يصلّوا قبل كل شيء، لكي تُقتَلَع كنيسة الظّلام من روما…
إنَّ الكنيسةَ في خطرٍ كَبيرٍ، ويجب أن نصلّي كي لا يغادر البابا مدينة روما؛ لأنّه إن فَعَل، فلَسوف تَقعُ شرورٌ لا تُعدّ ولا تُحصى. إنّهم الآن يطالبون الأب الأقدس بأمرٍ معيّنٍ. إنَّ العقيدة البروتستانتنيّة، وعقيدة اليونانيين المُنشقّين (الأرثودُكس الذين ينكرون العقائد والسّلطة البابويّة) ستنتشران في كلّ مكان. أرى الآن أنه في هذا المكان (روما)، يتمّ تطويق الكنيسة (الكاثوليكيّة) بحِنكَةٍ، بحيثُ أنَّ الكهنة الّذين لم يَنخدِعوا بعد، لم يتعدَّ عددُهم المئة. الجميع يعمل على دمارِها، حتّى الكهنة أنفسهم. إنّه دمارٌ كبيرٌ على وشَكِ الحدوث.


في تلك الأيّام سيتراجعُ الإيمان إلى حدٍّ كبيرٍ، غير أنَّه سيُحفَظُ فقط في بعض الأماكنِ.
رأيتُ الرّجل الأسود الصَّغير في روما، وكثيرون يعملون من أجله من دون علمهم بغايته. كما لديه عملائه في كنيسة الظّلام الجديدة أيضًا.


إذا غادر البابا روما، سَيسْتولي أعداءُ الكنيسة حينها عليها!رأيتُ الأب الأقدس – وهو شخصٌ يتّقي الله، ومُصَلٍّ- لم يَتبقَّ من منظره شيءٌ تشتهيه العين. لكنّه أضحى ضعيفًا جدًّا بسبب تقدّمه في السّن وكثرة معاناته. كان رأسُه يتمايَلُ على الجانبَين، ويَحني عُنُقَه كما لو كان نائماً. كان يُغمَى عليه من حينٍ إلى آخر، ويبدو كأنّه يُحتَضِرُ. غير أنّه في وقت صلاته، كان يتعزّى بواسطة العديد من الظّهورات من السماء…


ثمّ رأيتُ كلّ ما يتعلّق بالبروتستانتيّة يُسيطر شيئًا فشيئًا، حتّى وقعَ الدّين الكاثوليكي في الانحلال التّام. لقد خُدِعَ مُعظَمُ الكهنة بالمعرفة الجذّابة والخطيرة، التي يمتلِكها مُعلّمي اللّاهوت الحَديثين، وقد ساهموا جميعهم في أعمال التَّدمير. في تلك الأيّام، سيتراجعُ الإيمان بشدّةٍ، وسيُحفَظُ فقط في بعض الأماكن؛ في بعض المناز

ل الرّيفية، وفي عدد قليلٍ من العائلات التي سيحميها الله من الكوارث والحروب…
عندما رأيتُ كنيسة القدّيس بطرس في حالة خرابِ، وكيف يساهم رجال الدّين في ذلك، وجدتُ نفسي في حالة ضيقٍ، لدرجة أننّي صرختُ إلى يسوع بكل ما أوتيت من قوّة، متوسّلةً رحمَته.ثم رأيت أمامي عريسي السّماويّ (يسوع)، فتحدّث معي لفترةٍ طويلة. وأهمّ ما قاله لي:“إنّ انتقال الكنيسة هذا من حالةٍ إلى أخرى، وعلى الرغم من أنّه يبدو كأنّه قُضِيَ عليها، غير أنّها سترتفع من جديد. حتّى لو بقيَ كاثوليكيٌ واحدٌ، فإنَّ الكنيسة ستنتصر من جديد، لأنّها لا تعتمِد على الحكمة البشريّة. لقد بدا لي وكأنّ لا وجود بعد للمسيحيّين الّذين يُحافظون على قبولهم القديم للكلمة.”


رأيتُ المزيد من الشّهداء، ليس في الوقت الحالي، إنّما في المستقبل … رأيتُ البدعة السّرّية [الماسونيّة] تطوّقُ الكنيسة العظيمة من دون هوادة. بالقرب من الشّهداء، رأيتُ وحشًا مروّعًا قادمًا من البحر (المسيح الدّجال؛ رؤ 13). وقد تَعرَّض الناس الصَّالحون والمؤمنون، في جميع أنحاء العالم، وبخاصّةٍ رجال الدّين للمُضايقة والاضطهاد، كما أنّهم زُجُّوا في السّجون. شعرتُ وأنا أشاهد هذه الرّؤى، بأنّهم سيَستشهِدونَ يومًا ما”.


5- انتصار قلب مريم الطاهر
“مرّةً أخرى، رأيتُ كنيسةَ بطرس تطوِّقها خُطَّةٌ تُطبّق تدريجيًّا من قِبَل البدعة السرّيّة [الماسونيّة]، في الوقت الّذي كانت العواصف تُحَطّمها. لكنّني رأيتُ أيضًا أنّ النَّجدة أتتها، عندما وصل الإضطرابُ إلى ذُروته.رأيتُ مرّةً أخرى العذراء المُباركة تَصعدُ فوقَ الكنيسة، وتَلفُّها بعَباءتها.
عندما دُمِّرَ مُعظم الكنيسة ما عدا الهيكل والمذبح اللَّذَين كانا لا يزالان قائمَين وحدهما، رأيتُ المُخَرِّبين يدخلون الكنيسة مع الوحش. هناك التقوا بامرأةٍ مع حافِلتها النّبيلة، بَدَت وكأنّها تحمِلُ طِفلًا لأنّها كانت تمشي ببطءٍ. لدى هذا المشهد، ارتعبَ الأعداء، ولم يَسْتطعِ الوحشُ أن يَخطوَ خُطوةً إضافيّةً إلى الأمام. ثمّ أدارَ عنُقَه نحوَ المرأة وابنها كأنّه يريد ابتلاعهما، لكنّ المرأة استدارت وانحنت [نحو المذبح] حتّى لامَس رأسُها الأرض. عندئذٍ، رأيتُ الوحش يهربُ باتّجاه البحر من حيثُ أتى، وفرَّ الأعداءُ مذعورينَ…


بعدها رأيتُ على مسافةٍ بعيدةٍ جَيشًا كبيرًا عظيمًا. في مُقدِّمته رأيتُ رَجُلاً على حصانٍ أبيض (يسوع المسيح)، ثمّ أُطلِقَ سراح السُّجناء ليَنْضمّوا إلى هذا الجيش، ويلحَقوا بجميع الأعداء.

لقد رأيتُ كنيسة القديس بطرس وكانت قد دُمّرَت، ما عدا الهيكل والمذبح الرئيسيّ. نزل القدّيس ميخائيل إلى الكنيسة، مُرتديًا ملابس محاربٍ، وأوقَفَ بسيفه عَددًا من الرّعاة غير المستحقّين الّذين أرادوا الدّخول، وهدَّدهُم. أمّا قِسمُ الكنيسة الّذي دُمَّرَ فقد تمّ تسييجُه بِسُرعة بأخشاب خفيفةٍ، حتّى يُحتفَل بالذبيحة الإلهيّة كما ينبغي.بعد ذلك جاء الكهنة والعلمانيّون من جميع أنحاء العالم، وأعادوا بناء الجدران الحَجريّة، إذ لم يتمكّن المُدَمِّرون من نقل الحجارة الثّقيلة.ثم رأيتُ أنّه تمّ إعادة بناء الكنيسة على الفور، وظَهرتْ بِبهاءٍ رائعٍ لم تعرِفْهُ سابقًا… “


"قلب مريم الطاهر "

#شربل سكران بألله