كَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين.
فَدَنَا هؤُلاءِ مِنْ فِيلِبُّسَ الَّذي مِنْ بَيْتَ صَيْدَا الجَلِيل، وسَأَلُوهُ قَائِلين: «يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوع».
فَجَاءَ فِيلِبُّسُ وقَالَ لأَنْدرَاوُس، وجَاءَ أَنْدرَاوُسُ وفِيلِبُّسُ وقَالا لِيَسُوع.
فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً: «لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ٱبْنُ الإِنْسَان.
أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير.
مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا، ومَنْ يُبْغِضُهَا في هذَا العَالَمِ يَحْفَظُهَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّة.
مَنْ يَخْدُمْنِي فَلْيَتْبَعْنِي. وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا، فَهُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا خَادِمِي. مَنْ يَخْدُمْنِي يُكَرِّمْهُ الآب.
نَفْسِي الآنَ مُضْطَرِبَة، فَمَاذَا أَقُول؟ يَا أَبَتِ، نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَة؟ ولكِنْ مِنْ أَجْلِ هذَا بَلَغْتُ إِلى هذِهِ السَّاعَة!
يَا أَبَتِ، مَجِّدِ ٱسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول: «قَدْ مَجَّدْتُ، وسَأُمَجِّد».
الدّراسة 51
فَلنَستَمعْ إلى جواب الرّب يسوع: "أَتَتِ السَّاعَةُ الَّتي فيها يُمَجَّدُ ابنُ الإِنسان". قد يعتقدُ البعض أنّ الرّب يسوع المسيح أعلنَ أنّه سوف يُمَجَّد لأنّ الوثنيّين أرادوا أن يروه؛ لا، ليس الأمر على هذا النحو. لقد كان الرّب يسوع المسيح يدركُ أنّ كلّ الوثنيّين في العالم سوف يؤمنون به بعد آلامه وقيامته من الموت. لقد اغتنمَ فرصة وجود الوثنيّين الذين يريدون رؤيته ليُنبئ بتوبة جميع الوثنيّين في المستقبل، وأعلنَ عن اقتراب ساعة تمجيده في السَّموات، التي ستَليها اهتداء جميع الوثنيّين إلى الإيمان.وهذا ما كان قد تنبّأ به الملك النبيّ حين قالَ: "اِرتَفع أَللَّهُمَّ على السَّمَوات ولْيَكُنْ مَجدُكَ على الأرضِ كُلِّها" (مز57[56]: 12). غير أنّ هذا الارتفاع بالمجد قد سبَقَه إذلال الآلام. لذا، أضافَ المخلِّص: "الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَراً كثيراً". إنّ الرّب يسوع المسيح هو حبّة الحنطة تلك التي أماتَها شكّ اليهود، والتي سوف ستتكاثر باهتداء الشعوب إلى الإيمان. وبما أنّ الرّب كان يعرف بأنّ موته سوف يصيب رسله بحزن شديد، عرض لهم بوضوح شديد سرّ الصليب والموت وكأنّي به يقول لهم: "لا يكفيكم أن تحتملوا موتي بصبر؛ لكن إن لم تموتوا أنتم بأنفسكم لن تجنوا من موتي أيّ ثمار: "مَن أَحَبَّ حياتَهُ فقَدَها".نستطيع أن نفهمَ هذه الكلمات بتفسيرين مختلفين: التّفسير الأوّل: إن كنتم تحبّونَها فعلاً، لا تخافوا من فقدانها؛ وإن كنتم ترغبونَ في الحصول على الحياة، التي هي في الرّب يسوع المسيح، لا تخافوا من مواجهة الموت من أجل الرّب يسوع المسيح. أمّا التفسير الثاني: لا تحبّوا حياتَكم في هذا العالم، كي لا تخسَروها في الحياة الأبديّة. هذا التفسير الثاني ملائم أكثر لروحيّة النصّ الإنجيلي حيث نصل إلى العبارة التالية: "ومَن رَغِبَ عنها في هذا العالم...". لذا، في العبارة السابقة: "مَن أحبَّ"، يجب أن نُضمِرَ فيها: "في هذا العالم".
#شربل سكران بالله