20 Nov
20Nov


إنجيل القدّيس يوحنّا 59-56:8

قالَ الرَبُّ يَسوع لِليَهود: «إِبْرَاهِيمُ أَبُوكُمُ ٱشْتَهَى أَنْ يَرَى يَوْمِي، ورَأَى فَفَرِح».
فَقَالَ لَهُ اليَهُود: «لا تَزَالُ دُونَ الخَمْسِين، ورَأَيْتَ إِبْرَاهِيم؟».
قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبْلَ أَنْ كَانَ إِبْرَاهِيم، أَنَا كَائِن».
فَأَخَذُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوه. أَمَّا يَسُوعُ فَتَوارَى وخَرَجَ مِنَ الهَيْكَل.

القدّيس أمبروسيوس (نحو 340 - 379)، أسقف ميلانو وملفان الكنيسة

عظة عن إبراهيم، الجزء الأوّل

«ابتَهجَ أَبوكُم إِبراهيم راجِياً أَن يَرى يَومي ورآهُ فَفَرِح»

قالَ الله لإبراهيم: "خُذِ اَبنَكَ وَحيدَكَ الَّذي تُحِبُّه، إِسحق، وامضِ إِلى أَرضِ المورِيِّا وأَصعِدْه هُناكَ مُحرَقَةً على أَحَدِ الجِبالِ الَّذي أريكَ" (تك 22: 2). لقد كوّن إسحق تصوّرًا مُسبَقًا عن الرّب يسوع المسيحَ المتألّم: فها هو قد توجّه مع أبيه إبراهيم نحو المحرقة على ظهر أتان...، ولمّا أتى الربّ ليبذلَ نفسه كفارةً عن خطايانا، حلَّ رسن ابن أتان وركبَ عليه... "فقالَ إِبْراهيمُ لِخادِمَيه: أُمكُثا أَنتُما ههُنا معَ الحِمار، وأَنا والصَّبِيُّ نَمْضي إِلى هُناكَ فَنَسجُدُ ونَعودُ إِلَيكُما"، وكانَ ما قاله نبوءة من دون أن يدركَ ذلك... إذ قد حملَ إسحق حطبَ المحرقة في حين حملَ الرّب يسوع المسيح خشبة الصليب. رافقَ إبراهيم ابنه في حين رافقَ الآبُ الرّب يسوع المسيح فهو قد قال: "... تَترُكوني وَحْدي. ولَستُ وَحْدي، فإِنَّ الآبَ مَعي" (يو 16: 32). قالَ إسحق لأبيه: "هذه النَّارُ والحَطَب، فأَينَ الحَمَلُ لِلمُحرَقة؟"، فخرجَ هنا أيضًا كلامٌ نبويّ من فم إسحق ولم يكن يدري ذلك... لقد أعدّ الربّ بالفعل حملاً للمحرقة. وتنبّأ إبراهيمُ أيضًا وأجابَ ابنه: "اللهُ يَرَى لِنَفْسِه الحَمَلَ لِلمُحرَقةِ، يا بُنَيَّ"..."فناداه مَلاكُ الرَّبِّ مِنَ السَّماءِ قائلاً: إِبْراهيمُ إِبْراهيم! قال: هاءَنذا  قال: لا تَمُدَّ يَدَكَ إِلى الصَّبِيّ ولا تَفْعَلْ بِه شَيئًا، فإِنِّي الآنَ عَرَفتُ أَنَّكَ مُتَّقٍ لله، فلم تُمْسِكْ عنِّي آبنَكَ وَحيدَكَ" (راجع أيضًا رو8: 32). "فَرَفَعَ إِبْراهيمُ عَينَيه ونَظَر، فإِذا بِكَبشٍ واحِدٍ عالِقٍ بِقَرنَيه في دَغَل"... لمَ اختيار الكبش؟ لأنّه يتمتّع بقيمةٍ كبيرة وسط القطيع كلّه. ولمَ الكبش عالقٌ بقرنيه؟ لكي تدركَ بأنّه ليسَ ضحيّة دنيويّة... إنّ المسيحَ هو قرننا وقوّتنا (راجع لو 1: 69) وهو يتقدّم على كلّ إنسان كما وردَ في العبارة التالية: "إِنَّكَ أَجمَلُ بني آدم" (مز45[44]: 3). ارتفعَ وحده عن الأرض ومُجِّد كما قالَ لنا: "أَنتُم مِن أَسفَل، وأَنا مِن عَلُ. أَنتُم مِن هذا العالَم وأَنا لَسْتُ مِنَ العالَمِ هذا" (يو 8: 23). لقد رآه إبراهيم وأدركَ آلامه. لذلك قال الربّ عنه "ابتَهجَ أَبوكُم إِبراهيم راجِياً أَن يَرى يَومي ورآهُ فَفَرِح". لقد ظهرَ الرّب يسوع المسيحُ لإبراهيم وكشف له عن الآلام التي سيعانيها ليبذلَ نفسه كفارةً عن خطايا العالم. وأشارَ أيضًا إلى نوع الآلام التي سيواجهها مظهرًا الكبش عالقًا بقرنيه في دغل... ويرمزُ هذا الدغلُ إلى خشبة الصليب. ارتفعَ قائدُ القطيع المنقطع النظير عن حطب المحرقة ليجذبَ إليه كلّ شيء حتّى يعرفه الجميع.


#شربل سكران بالله

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.