إنجيل القدّيس متّى 15-11:11
قالَ الربُّ يَسوعُ (للجموع):«أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: لَمْ يَقُمْ في مَواليدِ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان، ولكِنَّ الأَصْغَرَ في مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ.
ومِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا المَعْمَدَانِ إِلى الآن، مَلَكُوتُ السَّمَاواتِ يُغْصَب، والغَاصِبُونَ يَخْطَفُونَهُ.
فَالتَّوْرَاةُ والأَنْبِيَاءُ كُلُّهُم تَنَبَّأُوا إِلى أَنْ أَتَى يُوحَنَّا.
وإِنْ شِئْتُم أَنْ تُصَدِّقُوا، فهُوَ إِيلِيَّا المُزْمِعُ أَنْ يَأْتي.
مَنْ لَهُ أُذُنَانِ فَلْيَسْمَعْ!
الطوباويّ غيريك ديغني (حوالى 1080 - 1157)، راهب سِستِرسيانيّ
العظة الثانية عن القدّيس يوحنّا المعمدان
«فمُنذُ أَيَّامِ يُوحنَّا إِلى اليَومِ مَلَكوتُ السَّمواتِ يُؤخَذُ بِالجِهاد، والمُجاهِدونَ يَختَطِفونَه»
"وبَقِيَ يَعْقوبُ وَحدَه. فصارَعَه رَجُلٌ إِلى طُلوعِ الفَجْر... فقالَ يَعْقوب: لا أَصرِفُكَ أَو تُبارِكَني" (تك 32: 25+ 27). أنتم يا إخوتي الّذين عزمتم على الاعتداء على السماء مصارعين الملاك المُكلَّف حماية شجرة الحياة (تك 3: 23)، فقد بات من الضروري أن تصارعوا بثبات وصلابة... ليس فقط حتّى ينخلع حُقُّ وِركِكُم فحسب... بل حتّى موت جسدكم. لكنّ تقشّفكم هذا لن يجدي نفعًا إلاّ إذا لمستكم القدرة الإلهيّة وأنعمت عليكم بذلك...
ألا يبدو لك أنّك تصارع الملاك أو بالأحرى الله عندما يعترض أشدّ رغباتك كلّ يوم؟... تصرخ إليه وهو لا يسمعك. تريد التقرّب منه وهو يُبعدك. تقرّر شيئًا ويُحقّق نقيضه. هكذا، يحاربك بقبضة قاسية على معظم الصعد. أيّتها الطيبة المختبئة، المتنكّرة بالقساوة، بأيّ حنان تصارع، يا ربّ، الّذين من أجلهم تصارع! "وقد كَتَمتَ هذه في قَلبِكَ" (أي 10: 13)، وأعلم أنّك "تحبّ الّذين يحبّونك" (راجع أم 8: 17) وأعلم أنّ َعظَمَة "صَلاحَكَ الّذي اِدَّخَرتَه لِلمتَّقينَ لَكَ" (مز 31[30]: 20) لا تعرف حدودًا.
إذًا يا أخي، لا تيأس وتصرّف بشجاعة، أنت الّذي شرعت في صراعك مع الله! في الحقيقة، هو يحبّ أن تتصرّف معه بعنف ويرغب في أن تهزمه. حتّى عندما يغضب ويمّد يمينه ليضرب، يبحث عن شخص مثل موسى، كما قال بنفسه، يعرف كيف يقاومه. حاول إرميا مقاومته ولكنّه لم يستطع ردّ غضبه القاسي وحكمه الصلب؛ لذلك بكى بكاءً مرًّا قائلاً: "قد استَغوَيتَني يا رَبُّ فاستُغْويت، قَبَضتَ علَيَّ فغَلَبتَ" (إر 20: 7).
#شربل سكران بالله