في الحَالِ أَلْزَمَ يَسُوعُ التَّلامِيْذَ أَنْ يَرْكَبُوا السَّفِيْنَةَ ويَسْبِقُوهُ إِلى الضَّفَّةِ الأُخْرَى، رَيْثَمَا يَصْرِفُ الجُمُوع.
وبَعْدَمَا صَرَفَ الجُمُوعَ صَعِدَ إِلى الجَبَلِ مُنْفَرِدًا لِيُصَلِّي. ولَمَّا كَانَ المَسَاء، بَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ هُنَاك.
وكَانَتِ السَّفِيْنَةُ قَدْ أَصْبَحَتْ عَلى مَسَافَةِ غَلَوَاتٍ كَثِيْرَةٍ مِنَ اليَابِسَة، وكَانَتِ الأَمْوَاجُ تَلْطِمُهَا لأَنَّ الرِّيْحَ كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهَا.
وفي آخِرِ اللَّيْل، جَاءَ يَسُوعُ إِلى تَلامِيْذِهِ مَاشِيًا عَلى البُحَيْرَة.
ورآهُ التَّلامِيْذُ مَاشِيًا عَلى البُحَيْرَةِ فَٱضْطَرَبُوا وقَالُوا: «إِنَّهُ شَبَح!». ومِنْ خَوْفِهِم صَرَخُوا.
وفي الحَالِ كَلَّمَهُم يَسُوعُ قَائِلاً: «ثِقُوا! أَنَا هُوَ، لا تَخَافُوا!».
فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وقَال: «يَا رَبّ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلى المِيَاه!».
فَقَال: «تَعَالَ!». ونَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِيْنَةِ فَمَشَى عَلى المِيَاه، وذَهَبَ نَحْوَ يسُوع.
ولَمَّا رَأَى الرِّيْحَ شَدِيْدَةً خَاف، وبَدَأَ يَغْرَق، فَصَرَخ قائِلاً: «يَا رَبّ، نَجِّنِي!».
وفي الحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ فَأَمْسَكَهُ وقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيْلَ الإِيْمَان، لِمَاذَا شَكَكْت؟».
ولَمَّا صَعِدَ يَسُوعُ وبُطْرُسُ إِلى السَّفِيْنَةِ سَكَنَتِ الرِّيْح.
فَسَجَدَ الَّذينَ هُمْ في السَّفِيْنَةِ لِيَسُوعَ وقَالُوا: «حَقًّا أَنْتَ ٱبْنُ الله!».
تَأَمُّلَاتٌ حَوْلَ ٱلْمَزَامِيرِ (§ ١٠٩، ٱلْمَزْمُورُ ٥٥)
مَا أَطْيَبَكَ، يَا إِلٰهِي، إِذْ تُكَرِّرُ عَلَيْنَا غَالِبًا: "ٱدْعُونِي لِنَجْدَتِكُمْ، وَسَآتِي إِلَيْكُمْ!... ٱدْعُونِي وَسَأَسْتَمِعْ لَكُمْ!" (…). لِنَدْعُ ٱللَّهَ لِنَجْدَتِنَا عِنْدَ ٱلتَّجْرِبَةِ! لَا نُحَاوِلَنَّ فِي ٱلتَّجْرِبَةِ وَفِي ٱلصُّعُوبَةِ أَنْ نُحَارِبَ بِقُوَّتِنَا وَبِقُوَّةِ ٱلطَّبِيعَةِ. فَفِي ٱلْوَقْتِ ٱلْـحَالِيِّ، أَرْوَاحُ ٱلظَّلَامِ أَقْوَىٰ مِنَّا بِكَثِيرٍ، أَقْوَىٰ وَأَدْهَىٰ مِنَّا. وَمِنْ حَيْثُ ٱلطَّبِيعَةِ، شَهَوَاتُنَا أَقْوَىٰ، وَنَفْسُنَا أَضْعَفُ، وَإِحْدَىٰ حِيَلِ ٱلشَّيْطَانِ تَكْمُنُ فِي أَنْ يَجْتَذِبَنَا ٱجْتِذَابًا شَدِيدًا مُنْذُ لَحَظَاتِ ٱلتَّجْرِبَةِ ٱلْأُولَىٰ، فَنَجْهَدَ بِكُلِّ قُوَانَا (عِنْدَمَا نَجْهَدُ) كَيْ نُقَاوِمَهُ بِقُوَانَا، وَلٰكِنْ دُونَ أَنْ نُفَكِّرَ فِي طَلَبِ ٱلنَّجْدَةِ مِنْ ذَاكَ ٱلَّذِي يُمْكِنُهُ وَحْدَهُ أَنْ يُخَلِّصَنَا: ٱللَّه (…)فَهُوَ يُلْقِي مِثْلَ حِجَابٍ حَوْلَنَا كَيْ يَمْنَعَنَا مِنْ أَنْ نَنْظُرَ إِلَىٰ عُلُوٍّ، وَأَنْ نَرْفَعَ عُيُونَنَا إِلَىٰ ٱلسَّمَاءِ. وَيَجْهَدُ أَنْ يَجْعَلَنَا "بُكْمًا" كَمَمْسُوسِيِّ ٱلْإِنْجِيلِ. هُوَ يَمْتَصُّنَا وَيَجْهَدُ أَلَّا تَأْتِيَ فِكْرَةُ ٱلِٱسْتِغَاثَةِ عَلَىٰ ذِهْنِنَا. وَإِذْ يُبْعِدُنَا عَنْ كُلِّ مَا يُشَكِّلُ قُوَّتَنَا، فَهُوَ يَهْزِمُنَا بِسُهُولَةٍ بَالِغَةٍ.فَلْنَعْمَلْ إِذًا، مُنْذُ بَدْءِ ٱلتَّجْرِبَةِ، عَلَىٰ أَنْ نُقَاوِمَ بِشَكْلٍ أَقَلَّ بِقُوَانَا ٱلْـخَاصَّةِ، وَنَدْعُوَ ٱللَّهَ بِٱلْأَحْرَىٰ لِنَجْدَتِنَا. فَعِنْدَمَا نَشْعُرُ بِٱلتَّجْرِبَةِ، لِنَلْجَأْ إِلَىٰ ٱلصَّلَاةِ، لِنُصَلِّ، وَهٰكَذَا، فِي لَحْظَةٍ، سَنَفُوزَ فَوْزًا بَسِيطًا، فِي حِينِ سَنُهْزَمُ دَائِمًا فِي ٱلْـحَالَةِ ٱلْأُخْرَىٰ. إِذًا، لِنُصَلِّ، لِنُصَلِّ، وَلِنُصَلِّ عِنْدَ ٱلتَّجْرِبَةِ!
#شربل سكران بالله