إِلتَفَتَ بُطْرُس، فَرَأَى التِّلْمِيذَ الَّذي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُمَا، وهُوَ الَّذي مَالَ عَلى صَدْرِ يَسُوعَ وَقْتَ العَشَاءِ وقَالَ لَهُ: يَا رَبّ، مَنْ هُوَ الَّذي يُسْلِمُكَ.
فَلَمَّا رَآهُ بُطْرُسُ قَالَ لِيَسُوع: «يَا رَبّ، وهذَا، مَا يَكُونُ لَهُ؟».
قَالَ لَهُ يَسُوع: «إِنْ شِئْتُ أَنْ يَبْقَى حَتَّى أَجِيء، فَمَاذَا لَكَ؟ أَنْتَ، ٱتْبَعْنِي!».
وشَاعَتْ بَيْنَ الإِخْوَةِ هذِهِ الكَلِمَة، وهِيَ أَنَّ ذلِكَ التِّلْمِيذَ لا يَمُوت. لكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُ لا يَمُوت، بَلْ: إِنْ شِئْتُ أَنْ يَبْقَى حَتَّى أَجِيء، فَمَاذَا لَكَ.
هذَا التِّلْمِيذُ هُوَ الشَّاهِدُ عَلى هذِهِ الأُمُور، وهُوَ الَّذي دَوَّنَهَا، ونَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقّ.
وصَنَعَ يَسُوعُ أُمُورًا أُخْرَى كَثِيْرَة، لَوْ كُتِبَتْ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، لَمَا أَظُنُّ أَنَّ العَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُهَا أَسْفَارًا مَكْتُوبَة.
شَرْحٌ لِإِنْجِيلِ ٱلْقِدِّيسِ يُوحَنَّا ١: ٢١ – ٢٥
أَعْتَقِدُ أَنَّ ٱلْأَنَاجِيلَ ٱلْأَرْبَعَةَ هِيَ ٱلْعَنَاصِرُ ٱلْأَسَاسِيَّةُ لِإِيمَانِ ٱلْـكَنِيسَةِ… وَأَعْتَقِدُ أَنَّ بَدَايَاتِ ٱلْأَنَاجِيلِ تُوجَدُ فِي... إِنْجِيلِ ٱلْقِدِّيسِ يُوحَنَّا ٱلَّذِي، لِكَيْ يَتَكَلَّمَ عَمَّنْ قَامَ غَيْرُهُ بِدِرَاسَةِ نَسَبِهِ، بَدَأَ بِمَنْ لَا نَسَبَ لَهُ.فِي ٱلْوَاقِعِ، كَتَبَ مَتَّىٰ لِلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ ٱبْنَ إِبْرَاهِيمَ وَدَاوُدَ، قَائِلًا: "نَسَبُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِ دَاوُدَ ٱبْنِ إِبْرَاهِيمَ" (مَت ١: ١)؛ وَمَرْقُسُ، عَارِفًا جَيِّدًا مَا يَكْتُبُهُ، بَدَأَ: "بَدْءُ بِشَارَةِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِ ٱللهِ" (مَر ١: ١). نَجِدُ غَايَةَ ٱلْإِنْجِيلِ عِنْدَ يُوحَنَّا: "فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ"، كَلِمَةُ ٱللهِ (يُو ١: ١). لٰكِنَّ لُوقَا أَيْضًا، يَحْفَظُ لِلَّذِي ٱرْتَاحَ عَلَىٰ صَدْرِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ (رَاجِع يُو ١٣: ٢٥) أَعْظَمَ وَأَكْمَلَ ٱلْـكَلَامِ عَنِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ.لَمْ يُظْهِرْ أَحَدٌ مِنَ ٱلْإِنْجِيلِيِّينَ ٱلْآخَرِينَ أُلُوهِيَّةَ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ بِطَرِيقَةٍ كَامِلَةٍ كَمَا فَعَلَ يُوحَنَّا، ٱلَّذِي كَتَبَ قَائِلًا: "أَنَا نُورُ ٱلْعَالَمِ"، "أَنَا ٱلطَّرِيقُ وَٱلْـحَقُّ وَٱلْـحَيَاةُ"، "أَنَا ٱلْقِيَامَةُ"، "أَنَا ٱلْبَابُ"، "أَنَا ٱلرَّاعِي ٱلصَّالِحُ" (يُو ٨: ١٢؛ ١٤: ٦؛ ١١: ٢٥؛ ١٠: ٩؛ ١٠: ١١)، وَفِي ٱلرُّؤْيَا: "أَنَا ٱلْأَلِفُ وَٱلْيَاءُ، وَٱلْأَوَّلُ وَٱلْآخِرُ، وَٱلْبِدَايَةُ وَٱلنِّهَايَةُ" (رؤ ٢٢: ١٣). يَجِبُ إِذَنْ أَنْ نَتَجَرَّأَ وَنَقُولَ إِنَّ مِنْ بَيْنِ كُلِّ ٱلْـكِتَابَاتِ، ٱلْأَنَاجِيلَ هِيَ ٱلْبِدَايَةُ، وَمِنْ بَيْنِ ٱلْأَنَاجِيلِ، ٱلْبِدَايَةُ هِيَ لِإِنْجِيلِ يُوحَنَّا، وَمَا مِنْ أَحَدٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يُدْرِكَ مَعْنَاهُ لَوْ لَمْ يَمِلْ إِلَىٰ صَدْرِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ، وَلَوْ لَمْ يَتَلَقَّ مِنَ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ مَرْيَمَ كَأُمٍّ لَهُ (رَاجِع يُو ١٩: ٢٧)…عِنْدَمَا قَالَ ٱلرَّبُّ يَسُوعُ لِأُمِّهِ: "هٰذَا ٱبْنُكِ"، وَلَمْ يَقُلْ: "هٰذَا ٱلرَّجُلُ هُوَ أَيْضًا ٱبْنُكِ"، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: "هٰذَا ٱبْنُكِ ٱلَّذِي وَلَدْتِهِ". بِٱلْفِعْلِ، فَمَنْ يَصِلْ إِلَىٰ ٱلْـكَمَالِ "لَا يَـحْيَا بَعْدَ ذٰلِكَ، بَلِ ٱلْمَسِيحُ يَـحْيَا فِيهِ" (غَل ٢: ٢٠)...هَلْ مِنَ ٱلضَّرُورِيِّ بَعْدُ أَنْ نَقُولَ إِلَىٰ أَيِّ ذَكَاءٍ نَحْتَاجُ لِنَفْهَمَ بِٱسْتِـحْقَاقٍ ٱلْـكَلِمَةَ ٱلْمَوْدَعَةَ فِي آنِيَةِ كُنُوزِ ٱلْخَزَفِ (رَاجِع ٢كور ٤: ٧)، بِلُغَةٍ عَادِيَّةٍ؟ فِي هٰذِهِ ٱلرِّسَالَةِ ٱلَّتِي يُمْكِنُ لِأَيِّ شَخْصٍ أَنْ يَقْرَأَهَا، أَصْبَحَتْ هٰذِهِ ٱلْـكَلِمَةُ مَسْمُوعَةً بِصَوْتٍ يُمْكِنُ لِكُلِّ شَخْصٍ يُصْغِي أَنْ يَسْمَعَهُ؟ فَلِكَيْ نَفْهَمَ بِدِقَّةٍ إِنْجِيلَ يُوحَنَّا، يَجِبْ أَنْ يَكُونَ بِٱسْتِطَاعَتِنَا ٱلْقَوْلُ فِي ٱلْـحَقِيقَةِ: "وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ ٱلْمَسِيحِ... لِنَعْرِفَ مَا أَنْعَمَ ٱللهُ بِهِ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَوَاهِبِ" (١كور ٢: ١٦ + ١١).
#شربل سكران بالله