قَالَ وَاحِدٌ مِنَ الجَمْع لِيَسُوع: «يَا مُعَلِّم، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي المِيرَاث».
فَقَالَ لهُ: «يا رَجُل، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا وَمُقَسِّمًا؟».
ثُمَّ قَالَ لَهُم: «إِحْذَرُوا، وَتَحَفَّظُوا مِنْ كُلِّ طَمَع، لأَنَّهُ مَهْمَا كَثُرَ غِنَى الإِنْسَان، فَحَياتُهُ لَيْسَتْ مِنْ مُقْتَنَياتِهِ».
وَقَالَ لَهُم هذَا المَثَل: «رَجُلٌ غَنِيٌّ أَغَلَّتْ لهُ أَرْضُهُ.
فَرَاحَ يُفَكِّرُ في نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَفْعَل، وَلَيْسَ لَدَيَّ مَا أَخْزُنُ فِيهِ غَلاَّتِي؟
ثُمَّ قَال: سَأَفْعَلُ هذَا: أَهْدِمُ أَهْرَائِي، وَأَبْنِي أَكْبَرَ مِنْها، وَأَخْزُنُ فِيهَا كُلَّ حِنْطَتِي وَخَيْراتِي،
وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يا نَفْسِي، لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُدَّخَرَةٌ لِسِنينَ كَثِيرَة، فٱسْتَريِحي، وَكُلِي، وٱشْرَبِي، وَتَنَعَّمِي!
فَقَالَ لَهُ الله: يا جَاهِل، في هذِهِ اللَّيْلَةِ تُطْلَبُ مِنْكَ نَفْسُكَ. وَمَا أَعْدَدْتَهُ لِمَنْ يَكُون؟
هكذَا هِيَ حَالُ مَنْ يَدَّخِرُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَغْتَنِي لله».
شرح لإنجيل القدّيس لوقا
يركّز هذا النص كلّه على قبول الألم للاعتراف بالربّ. وبما أنّ الجشع غالبًا ما يجرّب الفضيلة، أضاف الربّ وصيّةً ومثلاً لإلغاء هذا الشرّ عندما قال: "من أقامني عليكم قاضيًا أو قسّامًا؟". لقد استبعد الأمور الأرضيّة، هو الذي نزل من أجل الأمور الإلهيّة؛ كما لم يتنازل ليكون قاضيًا لحلّ النزاعات وحاكمًا لتوزيع الثروات، هو الذي يجازي الأحياء والأموات ويقرّر الاستحقاقات. يجب إذًا التركيز لا على ما تطلبون، بل على من تتوجّهون إليه؛ ولا تعتقدوا أنّ روحًا يقوم بأعمال عظيمة يمكن أن يزعج نفسه بأمور أقلّ أهميّة.لم يتمّ رفض هذا الأخ دون سبب؛ فقد تجرّأ هذا الأخير على تضييع وقت موزّع الخيرات السماويّة ببعض الأمور الدنيويّة، في حين أنّ الإخوة ليسوا بحاجة إلى قاضٍ بل إلى العاطفة لتوزيع الميراث. في الواقع، يجب البحث عن ميراث الخلود، لا عن الميراث المادي؛ فلا فائدة من جمع الثروات بدون أن نعرف إذا كنّا سنحتاج إليها: مثل ذاك الذي امتلأت أهراؤه بالغلال الحديثة وأخذ يعدّ مخازن أكبر لتتّسع لهذه الوفرة من الغلال "ولا يَدْري لمَن يَجمَعُها" (مز39[38]: 7). فنحن نترك في العالم ما هو للعالم، كما أنّنا لا نملك ما لا نستطيع أخذه معنا. الفضيلة وحدها ترافق الأموات، والرحمة وحدها تتبعنا، هي التي تقودنا وتسبقنا إلى منازل السماء، وتكسب الأموات المساكن الأبديّة بدل المال الزائل. هذا هو إذًا مثل صالح وخلاصي، قادر على حثّ البخلاء على استبدال الفاني بالأبدي والأرضي بالإلهي.
#شربل سكران بالله