قالَ الربُّ يَسوع: «جِئْتُ أُلْقِي عَلَى الأَرْضِ نَارًا، وَكَمْ أَوَدُّ لَوْ تَكُونُ قَدِ ٱشْتَعَلَتْ!
وَلي مَعْمُودِيَّةٌ أَتَعَمَّدُ بِهَا، وَمَا أَشَدَّ تَضَايُقِي إِلى أَنْ تَتِمّ!
هَلْ تَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ أُحِلُّ في الأَرْضِ سَلامًا؟ أقُولُ لَكُم: لا! بَلِ ٱنْقِسَامًا!
فَمُنْذُ الآنَ يَكُونُ خَمْسَةٌ في بَيْتٍ وَاحِد، فَيَنْقَسِمُون: ثَلاثةٌ عَلَى ٱثْنَيْن، وٱثْنَانِ عَلى ثَلاثَة!
يَنْقَسِمُ أَبٌ عَلَى ٱبْنِهِ وٱبْنٌ عَلَى أَبِيه، أُمٌّ عَلَى ٱبْنَتِهَا وٱبْنَةٌ عَلَى أُمِّهَا، حَمَاةٌ عَلَى كَنَّتِها وَكَنَّةٌ عَلَى حَمَاتِها!».
من كتاب "ٱلْمَسِيحُ ٱلْمِثَالُ ٱلْأصْلَحُ لِلرَّاهِبِ"
مِن أَفْضَلِ ثِمَارِ حَيَاةِ ٱلِاتِّـحَادِ بِٱللَّهِ وَٱلِاسْتِسْلَامِ لَهُ، أَنْ نُحَافِظَ عَلٰىٰ نَارِ ٱلْمَحَبَّةِ مُشْتَعِلَةً فِي ٱلنَّفْسِ، وَلَيْسَ فَقَطْ نَارَ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ، بَلِ ٱلْمَحَبَّةَ تُجَاهَ ٱلْقَرِيبِ أَيْضًا. فَبِتَوَاصُلِهَا ٱلدَّائِمِ مَعَ مَسْكَنِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْجَوْهَرِيَّةِ، تَتَأَجَّجُ ٱلنَّفْسُ وَتَهْتَمُّ بِأُمُورِ ٱلرَّبِّ وَمَجْدِهِ، وَبِٱنْتِشَارِ مُلْكِ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلْقُلُوبِ. وَٱلْحَيَاةُ ٱلدَّاخِلِيَّةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ تُسَلِّمُنَا إِلٰىٰ ٱلنُّفُوسِ بِقَدْرِ مَا تُسَلِّمُنَا إِلٰىٰ ٱللَّهِ، فَهِيَ مَصْدَرُ غَيْرَةٍ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، عِنْدَمَا نُحِبُّ ٱللَّهَ حَقًّا، نَرْغَبُ فِي أَنْ يَكُونَ مَحْبُوبًا وَأَنْ يَتَقَدَّسَ ٱسْمُهُ وَيَأْتِيَ مَلَكُوتُهُ فِي ٱلنُّفُوسِ وَيَكُونَ مَا يَشَاءُ فِي ٱلْجَمِيعِ (رَاجِعْ مَتْ ٦: ٩ – ١٠).وَٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تُحِبُّ ٱللَّهَ حَقًّا تَشْعُرُ شُعُورًا عَمِيقًا بِٱلْإِهَانَاتِ ٱلَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهَا حُبُّهَا. "أَخَذَنِي ٱلْحَنَقُ بِسَبَبِ ٱلْأَشْرَارِ، ٱلَّذِينَ تَرَكُوا شَرِيعَتَكَ" (مز ١١٩[١١٨]: ٥٣). وَهِيَ تَتَأَلَّمُ إِذْ تَرَىٰ إِمْبِرَاطُورِيَّةَ أَمِيرِ ٱلظُّلْمَةِ تَتَّسِعُ مِنْ خِلَالِ ٱلْخَطِيئَةِ. "إِنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَٱلْأَسَدِ ٱلزَّائِرِ يَرُودُ فِي طَلَبِ فَرِيسَةٍ لَهُ" (١بط ٥: ٨). وَلَهُ شُرَكَاءُ يَنْفُخُ فِيهِمْ حَمَاسَةً مُسْتَمِرَّةً وَغَيْرَةَ كَرَاهِيَةٍ ضِدَّ أَعْضَاءِ ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ. وَٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تُحِبُّ ٱللَّهَ بِصِدْقٍ، تَتَآكَلُهَا هِيَ أَيْضًا ٱلْغَيْرَةُ، إِنَّمَا عَلَىٰ مَجْدِ بَيْتِ ٱللَّهِ (رَاجِعْ (مز ٦٩[٦٨]: ١٠).مَا هِيَ ٱلْغَيْرَةُ بِٱلْفِعْلِ؟ إِنَّهَا حَمَاسَةٌ تُحْرِقُ وَتَتَوَاصَلُ وَتَحْتَرِقُ وَتَمْتَدُّ. إِنَّهَا شُعْلَةُ ٱلْحُبِّ – أَوِ ٱلْكَرَاهِيَةِ – ٱلَّتِي تَظْهَرُ إِلَى ٱلْخَارِجِ مِنْ خِلَالِ ٱلْفِعْلِ. وَٱلنَّفْسُ ٱلْمُشْتَعِلَةُ بِغَيْرَةٍ مُقَدَّسَةٍ تَبْذُلُ ذَاتَهَا بِدُونِ حِسَابٍ مِنْ أَجْلِ أُمُورِ ٱللَّهِ وَتَسْعَىٰ إِلَىٰ خِدْمَتِهَا بِكُلِّ قُوَاهَا. وَبِقَدْرِ مَا يَتَّقِدُ ٱلْبَيْتُ بِٱلنَّارِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ هٰذِهِ، بِقَدْرِ مَا يَشُعُّ إِلَى ٱلْخَارِجِ. فَٱلنَّفْسُ تُحَرِّكُهَا هٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي حَمَلَهَا ٱلْمَسِيحُ يَسُوعُ إِلَى ٱلْأَرْضِ، وَٱلَّتِي يَرْغَبُ رَغْبَةً شَدِيدَةً أَنْ يَرَاهَا تَشْتَعِلُ فِينَا (رَاجِعْ لو ١٢: ٤٩).
#شربل سكران بالله