28 Aug
28Aug


إنجيل القدّيس مرقس 29-14:6

سَمِعَ المَلِكُ هِيرُودُسُ بِيَسُوع، لأَنَّ ٱسْمَهُ صَارَ مَشْهُورًا، وكَانَ أُنَاسٌ يَقُولُون: «إِنَّ يُوحَنَّا المَعْمَدانَ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، ولِذلِكَ تَجْرِي عَلَى يَدِهِ الأَعْمَالُ القَدِيرَة».
وآخَرُونَ يَقُولُون: «إِنَّهُ إِيليَّا». وآخَرُونَ يَقُولُون: «إِنَّهُ نَبِيٌّ كَأَحَدِ الأَنْبِيَاء».
ولَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ قال: «إِنَّ يُوحَنَّا الَّذي قَطَعْتُ أَنا رَأْسَهُ، هُوَ نَفْسُهُ قَام».
وهِيرُودُسُ هذَا كانَ قَدْ أَرْسَلَ فقَبَضَ علَى يُوحَنَّا وكَبَّلَهُ في السِّجْن، مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا ٱمْرأَةِ أَخِيهِ فِيلِبُّس، وكانَ قَدْ تزَوَّجَها؛
لأَنَّ يُوحَنَّا كانَ يَقُولُ لَهُ: «لا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تتَزَوَّجَ ٱمْرَأَةَ أَخِيك!».
وكانَتْ هِيرُودِيَّا ناقِمَةً عَلَيْهِ تُرِيدُ قَتْلَهُ فلا تَسْتَطِيع؛
لأَنَّ هِيرُودُسَ كانَ يَهَابُ يُوحَنَّا، لِعِلْمِهِ أَنَّهُ رجُلٌ بارٌّ قِدِّيس. وكانَ يُحَافِظُ عَلَيْه، ويَحْتَارُ جِدًّا عِنْدَما يَسْتَمِعُ إِلَيْه، لكِنَّهُ كانَ يَسْتَمِعُ إِلَيْهِ بِٱرْتِيَاح.
وكانَ يَوْمٌ مُوَافِق، عِنْدَما أَقَامَ هِيرُودُس، في ذِكْرَى مَوْلِدِهِ، عَشَاءً لِعُظَمَائِهِ وقُوَّادِهِ وأَعْيَانِ الجَلِيل.
ودَخَلَتِ ٱبْنَةُ هِيرُودِيَّا ورَقَصَتْ فأَعْجَبَتْ هِيرُودُسَ والمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فقَالَ المَلِكُ لِلْصَّبِيَّة: «أُطْلُبِي مِنِّي كُلَّ ما تُرِيدِينَ فَأُعْطِيَكِ إِيَّاه».
وحَلَفَ لَهَا: «أُعْطِيكِ كُلَّ مَا تَطْلُبِين، ولَو نِصْفَ مَمْلَكَتي!».
فخَرَجَتْ وقَالَتْ لأُمِّها: «ماذَا أَطْلُب؟». فقَالَتْ: «رَأْسَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان!».
وفي الحَالِ دَخَلَتْ مُسْرِعةً إِلى المَلِكِ وطَلَبَتْ قَائِلَة: «أُرِيدُ أَنْ تُعْطِيَني حَالاً عَلَى طَبَقٍ رأْسَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان!».
فٱغْتَمَّ المَلِكُ جِدًّا. ولكِنْ مِنْ أَجْلِ القَسَمِ والمُتَّكِئِينَ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَرُدَّ طَلَبَها.
وفي الحَالِ أَرْسَلَ المَلِكُ سَيَّافًا، وأَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ رأْسَ يُوحَنَّا. فذَهَبَ السَّيَّافُ وقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا في السِّجْن،
وحَمَلَ الرَّأْسَ عَلَى طَبَق، وأَعْطَاهُ لِلصَّبِيَّة، والصَّبِيَّةُ أَعْطَتْهُ لأُمِّها.
وسَمِعَ تلامِيذُ يُوحَنَّا بِٱلخَبَرِ فذَهَبُوا ورَفَعُوا جُثْمَانَهُ، ووَضَعُوهُ في قَبْر.

أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ

العظة 27 عن إنجيل القدّيس لوقا

يوحنّا المعمدان سابق الرّب في الموت كما في الحياة

فلنتأمّل بيوحنّا المعمدان خاصّة بسبب الشهادة التالية: "لَيسَ في أَولادِ النَّساءِ أَكبَرُ مِن يوحنَّا" (لو 7: 28)؛ لقد استحقّ أن يرتفع إلى درجة عالية من الفضيلة ممّا جعل أناسًا كثيرين يظنّون أنّه الرّب يسوع المسيح (راجع لو 3: 15). لكن ثمّة ما يدهش أكثر من ذلك: كان هيرودُس يتمتّع بالسلطة الملكيّة وكان قادرًا على قتله متى شاء. لكنه ارتكب خطأ فادحًا ومخالفًا لشريعة موسى من خلال أخذ امرأة أخيه. لكنّ يوحنّا، دون أيّ خوف منه، أو أيّ محاباة لشخصه، أو أيّ خشية من السلطة الملكيّة أو أيّ خوف من الموت... ومن دون إخفاء هذه المخاطر كلّها، وبّخ هيرودُس متسلّحًا بحريّة الأنبياء، ولامه على زواجه. بعد أن رُمِي يوحنّا في السجن نتيجة هذه الجرأة، لم يقلق بشأن الموت أو الحكم الذي قد يصدر بحقّه. وبالرغم من القيود التي كانت تكبّله، كانت أفكاره كلّها متّجهة نحو الرّب يسوع المسيح الذي بشّر به.نتيجة عجزه عن لقائه شخصيًّا، أرسل يوحنّا تلاميذه ليسألوا الربّ: "أَأَنتَ الآتي أَم آخَرَ نَنتَظِر؟" (لو 7: 19). فلنلاحظ أنّه حتّى خلال وجوده في السجن، بقي يوحنّا يعلّم. حتّى في هذا المكان، كان لديه تلاميذ؛ حتّى في السجن، بقي يوحنّا يقوم بواجبه كمعلّم، وبقي يعلّم تلاميذه من خلال أحاديث عن الله. في هذه الظروف، طُرِح ما يقوم به الرّب يسوع من معجزات، فأرسل له يوحنّا بعض التلاميذ.عاد تلاميذ يوحنّا إليه ونقلوا إلى معلّمهم ما طلب منهم المخلّص أن يُعْلِموه به. فكان جوابهم هذا بمثابة سلاح ليوحنّا كي يواجه هذه المعركة. مات يوحنّا بثقة كبيرة، كما واجه قطع الرأس بكلّ رحابة صدر، مطمئنًّا إلى كلمة الرّب يسوع المسيح نفسه، الذي أكّد له أنّ مَن آمن به كان حقًّا ابن الله. هكذا كانت حريّة يوحنّا المعمدان، هكذا كان جنون هيرودس الذي أضاف إلى جرائمه السابقة، سجن يوحنّا المعمدان وقطع رأسه.



#شربل سكران بالله

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.