08 Aug
08Aug


إنجيل القدّيس متّى 30-25:11

قالَ الربُّ يَسوعُ: «أَعْتَرِفُ لَكَ، يَا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَاءِ والأَرْض، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ الأُمُورَ عَنِ الحُكَمَاءِ والفُهَمَاء، وأَظْهَرْتَها لِلأَطْفَال!
نَعَمْ، أَيُّها الآب، لأَنَّكَ هكَذَا ٱرْتَضَيْت!
لَقَدْ سَلَّمَنِي أَبي كُلَّ شَيء، فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ ٱلٱبْنَ إِلاَّ الآب، ومَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ ٱلٱبْن، ومَنْ يُرِيدُ ٱلٱبْنُ أَنْ يُظْهِرَهُ لَهُ.
تَعَالَوا إِليَّ يَا جَمِيعَ المُتْعَبِينَ والمُثْقَلِينَ بِالأَحْمَال، وأَنَا أُريْحُكُم.
إِحْمِلُوا نِيْري عَلَيْكُم، وكُونُوا لي تَلاميذ، لأَنِّي وَدِيعٌ ومُتَواضِعُ القَلْب، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُم.
أَجَل، إِنَّ نِيْري لَيِّن، وحِمْلي خَفِيف!».

القدّيس هيلاريوس (315 - 367)، أسقف بواتييه وملفان الكنيسة

ٱلثَّالُوثُ ٢، ٦ – ٧

«وَلَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ ٱلْآبَ إِلَّا ٱلِٱبْنُ وَمَنْ شَاءَ ٱلِٱبْنُ أَنْ يَكْشِفَهُ لَهُ»

إِنَّ ٱلْآبَ هُوَ ٱلَّذِي بِهِ يُوجَدُ كُلُّ شَيْءٍ. فَهُوَ، بِٱلْمَسِيحِ وَمَعَ ٱلْمَسِيحِ، مَصْدَرُ كُلِّ شَيْءٍ. وَهُوَ فِي نِهَايَةِ ٱلْأَمْرِ كِيَانُ ذَاتِهِ وَلَا يَسْتَمِدُّ مِنَ ٱلْخَارِجِ مَاهِيَّتَهُ... هُوَ ٱللَّامُتَنَاهِي لِأَنَّهُ لَا يُقِيمُ فِي مَكَانٍ مَا، بَلْ إِنَّ ٱلْوُجُودَ كُلَّهُ فِيهِ... يَأْتِي دَائِمًا قَبْلَ ٱلزَّمَانِ لِأَنَّ ٱلزَّمَانَ يَنْبَثِقُ مِنْهُ. دَعْ أَفْكَارَكَ تَلْحَقْ بِهِ إِنْ كُنْتَ تَرْغَبُ فِي بُلُوغِ حُدُودِ كِيَانِهِ؛ سَوْفَ تَجِدْهُ دَوْمًا، فَكُلَّمَا دَأَبْتَ عَلَى ٱلتَّقَدُّمِ نَحْوَهُ وَجَدْتَ أَنَّ ٱلْهَدَفَ مَا زَالَ بَعِيدًا... هَذِهِ هِيَ حَقِيقَةُ سِرِّ ٱللَّهِ؛ إِنَّهَا ٱلتَّعْبِيرُ عَنْ طَبِيعَةِ ٱلْآبِ غَيْرِ ٱلْمُدْرَكَةِ... فِي سَبِيلِ ٱلْإِفْصَاحِ عَنْهُ، لَا يُمْكِنُ لِلْكَلِمَةِ إِلَّا أَنْ تَصْمُتَ، وَلِسَبْرِ أَعْمَاقِهِ يَبْقَى ٱلذِّهْنُ جَامِدًا، وَلِإِدْرَاكِ خَفَايَاهُ يَجِدُ ٱلْعَقْلُ نَفْسَهُ عَاجِزًا.وَمَعَ ذٰلِكَ تُشِيرُ كَلِمَةُ ٱلْآبِ إِلَىٰ طَبِيعَتِهِ: "هُوَ أَبٌ وَحَسْبُ". إِذْ لَا يَكْتَسِبُ ٱلْأُبُوَّةَ مِنَ ٱلْغَيْرِ، عَلَىٰ غِرَارِ ٱلْبَشَرِ. هُوَ ٱلْأَزَلِيُّ غَيْرُ ٱلْمَخْلُوقِ... وَحْدَهُ ٱلِٱبْنُ يَعْرِفُهُ لِأَنَّهُ "مَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ ٱلْآبَ إِلَّا ٱلِٱبْنُ وَمَنْ شَاءَ ٱلِٱبْنُ أَنْ يَكْشِفَهُ لَهُ" وَ"مَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ ٱلِٱبْنَ إِلَّا ٱلْآبُ". يَعْرِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا ٱلْآخَرَ مَعْرِفَةً مُتَبَادَلَةً كَامِلَةً. وَبِمَا أَنَّهُ "مَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ ٱلْآبَ إِلَّا ٱلِٱبْنُ"، فَنَحْنُ لَا نَمْلِكُ عَنِ ٱلْآبِ إِلَّا ٱلصُّورَةَ ٱلَّتِي أَعْطَانَا إِيَّاهَا ٱلِٱبْنُ ٱلَّذِي هُوَ وَحْدَهُ "ٱلشَّاهِدُ ٱلْأَمِينُ" (رؤ١: ٥).خَيْرٌ لَنَا أَنْ نَتَأَمَّلَ فِي مَا يَخُصُّ ٱلْآبَ مِنْ أَنْ نَتَحَدَّثَ عَنْهُ، لِأَنَّ كُلَّ ٱلْكَلِمَاتِ تَعْجَزُ عَنْ وَصْفِ كَمَالِهِ... فَنَحْنُ لَيْسَ بِوُسْعِنَا إِلَّا ٱلِٱعْتِرَافَ بِمَجْدِهِ، وَأَنْ نُكَوِّنَ فِكْرَةً عَنْهُ، وَأَنْ نُحَاوِلَ تَوْضِيحَهَا بِوَاسِطَةِ مُخَيِّلَتِنَا. غَيْرَ أَنَّ لُغَةَ ٱلْإِنْسَانِ تَشْعُرُ بِٱلْعَجْزِ عَنِ ٱلتَّعْبِيرِ، إِذْ أَنَّ ٱلْكَلِمَاتِ لَا تُعَبِّرُ عَنِ ٱلْحَقِيقَةِ كَمَا هِيَ عَلَيْهَا... وَمَهْمَا تَعَرَّفْنَا إِلَى ٱلْآبِ، عَلَيْنَا أَنْ نَمْتَنِعَ عَنْ تَسْمِيَتِهِ: مَهْمَا كَانَتِ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلْمُسْتَعْمَلَةُ، فَلَنْ تَتَمَكَّنَ مِنَ ٱلتَّعْبِيرِ عَنِ ٱللَّهِ كَمَا هُوَ عَلَيْهِ فِعْلًا وَلَا عَنْ عَظَمَتِهِ... عَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِهِ وَأَنْ نُحَاوِلَ أَنْ نَفْهَمَهُ وَنَعْبُدَهُ؛ بِهٰذَا نَكُونُ أَجَدْنَا فِي ٱلْحَدِيثِ عَنْهُ.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.