قالَ الربُّ يَسوعُ: «هِيَ الآنَ دَيْنُونَةُ هذَا العَالَم. أَلآنَ يُطْرَدُ سُلْطَانُ هذَا العَالَمِ خَارِجًا.
وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ عَنِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الجَمِيع».
قَالَ هذَا لِيَدُلَّ عَلى أَيِّ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَهَا.
فَأَجَابَهُ الجَمْع: «نَحْنُ سَمِعْنَا مِنَ التَّوْرَاةِ أَنَّ المَسِيحَ يَبْقَى إِلى الأَبَد. فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّ عَلى ٱبْنِ الإِنْسَانِ أَنْ يُرْفَع؟ مَنْ هُوَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ هذَا؟».
قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَلنُّورُ بَاقٍ بَيْنَكُم زَمَنًا قَليلاً. سِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّور، لِئَلاَّ يَدْهَمَكُمُ الظَّلام. فَمَنْ يَسيرُ في الظَّلامِ لا يَدْرِي إِلى أَيْنَ يَذْهَب.
آمِنُوا بِٱلنُّور، مَا دَامَ لَكُمُ النُّور، لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّور». قَالَ يَسُوعُ هذَا، ومَضَى مُتَوارِيًا عَنْهُم.
العظة 67 عن إنجيل القدّيس يوحنّا
بعد أن فهم اليهود أنّ ربّنا قد تكلّم عن موته، سألوه كيف يمكنه القول إنّه سوف يموت قائلين: "نَحنُ عَرَفْنا مِنَ الشَّريعَةِ أَنَّ المَسيحَ يَبْقى لِلأَبَد. فكَيفَ تَقولُ أَنتَ إِنَّهُ لابُدَّ لابنِ الإنسانِ أَن يُرفَع"... لاحِظوا الخبث في هذا السؤال؛ لم يعبّروا عن رأيهم بالطريقة هذه: نحن عرفنا من الشريعة أنّ المسيح سوف يُستَثنى من الآلام، إنّما قالوا: "نَحنُ عَرَفْنا أنّ المَسيحَ يَبقى للأبَد". وليس في ذلك أيّ تناقض، لأنّ آلام المخلِّص لم تكن البتّة عائقًا لأزليّته. لكنّ اليهود تصوّروا أنّهم سيثبتون بذلك أنّه ليس المسيح، لأنّ المسيح يبقى للأبد. ثمّ أضافوا: "فمَنِ ابنُ الإِنسانِ هذا" سؤال آخر مليء خبثًا وهذا تفسيره: لا تقل إنّنا ابتكرنا هذا السؤال من خلفيّة كُره، لأنّنا لا نعرف عمّن تودّ التحدّث. فأجابهم ربّنا مبيّنًا أنّ آلامه ليست عقبةً تحول دون كونه أزليًّا: " النُّورُ باقٍ معَكم وقتاً قليلاً فَامشوا ما دامَ لَكُمُ النُّور لِئَلاَّ يُدرِكَكُمُ الظَّلام". لقد علّمهم بذلك أنّ الموت ليس إلاّ مجرّد عبور، كما أنّ نور الشمس لا ينطفئ أبدًا، إنّما يختفي لوقت قليل كي يظهر مجدّدًا قريبًا... لقد تحدّثَ هنا عن زمن هذه الحياة الكاملة، وعن ذاك الذي كان سيَسبقُ صليبَه كما عن ذاك الذي كان سيَتبعُه، لأنّ الكثيرين آمنوا به بعد آلامه: "لِئلاّ يُدرِكَكم الظلام"...
#شربل سكران بالله