وكَانَ الجُنُودُ أَيْضًا يَسْخَرُون، وَهُم يَدْنُونَ مِنْهُ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ خَلاًّ،
وَيَقُولُون: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مَلِكَ اليَهُودِ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ!».
وكانَتْ أَيْضًا فَوْقَهُ لَوْحَةٌ كُتِبَ فِيهَا: «هذَا هُوَ مَلِكُ اليَهُود».
وكانَ أَحَدُ المُجْرِمَيْنِ المُعَلَّقَينِ عَلَى الصَّلِيبِ يُجَدِّفُ عَلَى يَسُوعَ قَائِلاً: «أَلَسْتَ أَنْتَ المَسِيح؟ خَلِّصْ نَفْسَكَ، وَخَلِّصْنَا!».
فَأَجَابَ الآخَرُ وٱنْتَهَرَهُ قَائِلاً: «أَمَا تَخَافُ اللهَ وَأَنْتَ تَحْتَ هذَا الحُكْمِ نَفْسِهِ؟
فَنَحْنُ بِعَدْلٍ حُكِمَ عَلَيْنا، لأَنَّنَا نَلْقَى مَا تَسْتَوْجِبُهُ أَعْمَالُنَا، أَمَّا هذَا الرَّجُلُ فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا سَيِّئًا!».
ثُمَّ أَخَذَ يَقُول: «يا يَسُوع، أُذْكُرْنِي عِنْدَمَا تَأْتِي في مَلَكُوتِكَ!».
فقَالَ لَهُ يَسُوع: «أَلحَقَّ أَقُولُ لَكَ: أَليَومَ تَكُونُ مَعِي في الفِرْدَوس!».
العظة الأولى للجمعة العظيمة: عن الصليب واللّص اليمين
إنّ الملكوت المقفل منذ آلاف السنوات قد فتحَه الصليب لنا "اليوم". ففي مثل هذا اليوم وهذه السّاعة فقط أدخلَ الله إليه اللّص. فيكون بهذا قد اجترحَ معجزتَين: لقد فتح باب ملكوت السماوات وأدخل إلى الملكوت لصًّا. واليوم، أعاد الله لنا موطننا القديم، واليوم أدخلنا إلى مدينة الآب، واليوم فتح باب منزله للبشريّة جمعاء. كما قال: "الحَقَّ أَقولُ لَكَ: سَتكونُ اليَومَ مَعي في الفِردَوس". ما هذا الذي قلتَه، يا ربّ؟ أنت مصلوب ومُسَمَّرٌ بالمسامير، وتَعِد بالفردوس؟ أجل، لكي تعرفَ ما هي قدرتي من خلال الصليب...إنّ الرّب يسوع المسيح لم يغيّر نفس اللّص الخاطئة من خلال إقامة الأموات، أو توجيه الأمر إلى البحر والرياح، أو طرد الشياطين، بل فعل ذلك حين كان مصلوبًا، ومُسَمَّرًا بالمسامير، ومُعرّضًا للشتائم والإهانات والبصق عليه. لقد فعل كلّ ذلك كي نرى الناحيتين من القوّة التي يملكها. لقد زلزل الخليقة جمعاء، وصدّع الصخور (راجع مت 27: 51) وجذب نفس اللصّ التي كانت أقسى من الصخر، وملأها من مجده...من المؤكّد أنّه ما كان أيّ ملك ليسمح لسارق أو حتّى لأيّ من خَدمَه أن يجلس معه حين دخوله إلى مدينة ما. أمّا الرّب يسوع المسيح، فقد فعل ذلك: حين دخل أرضه المقدّسة، أدخل معه سارقًا. بتصرّفه هذا، لم يقلّل من شأن الملكوت، ولم يُهِنه بوجود السارق؛ بل على العكس فإنّه قد شرّفه، إذ إنّه لشرف عظيمٌ للملكوت أن يكون له ربّ قادرٌ على جعل السارق أهلاً بكلّ النِّعَم التي يمنحها الملكوت. كذلك عندما أدخل إلى الملكوت النساء الخاطئات والعشّارين، فهو لا يقصد إهانته، بل منحه شرفًا عظيمًا من خلال إثبات أنّ سيّد ملكوت السماوات قويّ لدرجة أنّه يستطيع أن يجعل من النساء الخاطئات والعشّارين أناسًا محترمين جديرين بهذا الشرف وبهذه الهبة. إنّنا نقدّر الطبيب أكثر فأكثر بقدر استطاعته من شفاء أكبر عدد من المرضى الّذين يشكون من أمراضٍ مستعصية. وهكذا يصحٌ أن نندهش بالرّب يسوع المسيح... عندما يعطي الصّحّة الرّوحيّة للخاطئات والعشّارين بحيث يصبحون أهلاً بالملكوت السّماويّ.
#شربل سكران بالله