البركة الأخيرة


شهد الأخ بطرس مشمش :

ولمّا بدأ بالنزاع ذهبتُ من الدير إلى المحبسة، فرأيته ممدَّدا على فرشة خارج غرفته وحوله جمهور من الرهبان والعلمانيّين.

فكنّا نسمعه يقول دائماً : يا يسوع يا مريم، ولمّا لم يعد يطاوعه لسانه على النطق الكامل، كان يلفظ إسميهما متقطِّعا، فتقدّمت وجلست بجانبه؛ وطلبت بركته، فرفع يده ليباركني، وإلتفت نحوي، وبقيت يده مرتفعة، وتوقَّف عن رسم إشارة الصليب.

فكرَّرت الطلب، ولم أنل مطلوبي مدّة نحو ثلاث دقائق؛ فأخذ ينظر إليّ ويضع يده على رأسه، فتعجّب كلّ منّا لإشارته هذه ولم يفهم أحد مغزاها.

فخال للخوري رميا أنّ السبب، هو إرتفاع إسكيمي عن رأسي قليلاً، بنوع أنّ شيئاً من شعر رأسي الأشقر كان ظاهراً، فهمس في أذني لأغطّي رأسي بالإسكيم، كما يجب! وأرخيت قلنسوتي على وجهي حتّى غطّت عينيّ، فتبسَّم عندئذ ببسمة خفيفة وباركني.

فإنذهل كلّنا من هذا الأمر، فإنّه لم يكن يريد أن يرى راهباً رافعاً قلنسوته عن وجهه ولو قليلا!

وعندما كان في حالة الإحتضار، كنت في قربه فألقى يده عليّ وهو غائب عن حواسه.

وإذ عاد إليه رشده، إنتفض مرتعباً، وأبعد يده عنّي.



#شربل سكران بألله