وقال مبتسماً


شهد الأب علوان :


كان الأب شربل يساعدنا يوميّا في الحراثة بزراعة القمح، بطلب من رئيس الحقلة وأمر رئيس الدير.

ففي أحد الأيّام، كنّا، نحن المبتدئين ورفاقي الفلاّحين، نفلح حقلا فوق العين، وقد إنتهينا منه، ونقلنا إلى حقل آخر، فأخذنا نحن الفدادين والمحارث، وبقي البذار والمعادير وسائر لوازم الفلاحة، على أن ينقلها الإخوة المبتدئون، والأب شربل وسائر العملة.

ونظراً لما كنّا نعرفه من طاعة الأب شربل ونسمع عنه، أحببنا أن نمتحن فضيلته.

فجمعنا كلّ أواني الحقلة، الموجودة معنا، أي المعادير وجرّة الماء، وإبريق الشرب، وقفّة البدار، وسطل الأكل، فطلبتُ من الأب شربل، على سبيل النكتة، أن يحمل الأغراض.

فأجاب الأب شربل : أمرك. 

وكنت أحمّله هذه الأدوات، قطعة بعد أخرى، منتظراً أن يقول لي كفى : فلم يبدِ الأب شربل أدنى ممانعة ولا تذمّر قطّ، وهو يقبل ذلك بطيبة خاطر.

فحمل المعاول على كتفه، وعلّق القفّة في الكتف الآخر، وحمل الجّرة في يده، والسطل في كوعه، بقي الإبريق فقلت له : إحمله. 

فقال : كيف أحمله؟

فقلت : أدخل عروته بخنصرك واحمله، ففعل. 

وبقي على الأرض بعض أغراض ما كان يقدر أن يحملها، ولا يعرف أين يضعها.

وقال لي :

"إشقع على هالجسم إشقع على جسده"

فضحك المبتدئون.

ورآنا نضحك، فالتفت إلينا، وقال مبتسماً : الويل للذين يحمّلون الناس أحمالا ثقيلة، ولا يحرّكونها بإحدى أصابعهم! قال ذلك وذهب بحمله راضياً مسروراً، ثم أخذنا الأوعية الباقية. 


#شربل سكران بألله