22 Nov
22Nov

بإسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد. آميـــــــن.




إعتراضات على المطهر


ما من قضية تُطرح إلا ويوجه إليها النقد والاعتراض.


النقد والاعتراض لهما أهداف، قد يكون هدفهما هو تنقية القضية من الشوائب لتظهر في افضل صورها، وهذا إيجابي.


وقد يكون الهدف عكس ذلك أي للهدم وليس للبناء، بل ولإظهار المجد الذاتي باعتراضات قد تكون لمجرد الاعتراض فقط.



عقيدة المطهر قضية إيمانية في الكنيسة الجامعة، هي من القضايا التي تلفت نظر المؤمن وتدعوه للتفكير في حياته، ما هي؟ ما هدفها؟ ماذا سيكون بعد هذه الحياة؟ ومن بين اعتراضات كثيرة نأخذ اعتراضين ومن المعترض:



أولاً - المعترضون


الكنيسة الأرثوذكسية ممثله في شخص قداسة البابا شنودة الثالث الّذي تفضل بتأليف كتابه لماذا نرفض المطهر؟





ثانياً- الإعتراضات


١) ورد في كتاب لماذا نرفض المطهر؟ ص ٧٠ هذا الاعتراض:

«الذين يعاصرون القيامة، وُيخطفون إلى السماء، لا يدخلون المطهر طبعاً، مهما كانت لهم خطايا عرضيه أو غيرها. فكيف يتم العدل الإلهي، كاثوليكيا؟ ……فان كان عدل الله يسمح بمسامحة هؤلاء المختطفين، فبنفس المنطق ألا يسامح السابقين لهم في الزمن، مادامت العدالة الإلهية راضية، ولا حاجة إلى مطهر. أم هل يحتج البعض ويقولون: كيف يُختطف هؤلاء دون أن يتطهروا؟! ويبقى السؤال قائما: كيف التصرف مع هؤلاء؟ وكيف يمكن تحليل الأمر لاهوتيا ……وبنفس المنطق يمكن أن نسأل عن مجموعة أخرى من معاصري القيامة: كانت عليهم عقوبة وجاءت القيامة قبل أن يتمموها …».


التساؤل قائم هنا على الذين يعاصرون القيامة؟ بأنهم لم يدخلوا المطهر لأنه لا مطهر بعد القيامة العامة.

وهذا يتنافى مع عدل الله كما انه يثير احتجاج البعض.



نتكلم هنا عن نقطتين الأولى احتجاج البعض، الثانية عدل الله انطلاقا من مثل العمله واجرتهم (متى ١ / ١٦-٢٠)



احتجاج: "وكانوا يأخذونه ويقولون متذمرين على رب البيت: هؤلاء الذين أتوا أخرا لم يعملوا غير ساعة واحدة فساويتهم بنا نحن الذين احتملنا ثقل النهار وحره الشديد".



عدل الله: "فأجاب واحد منهم : يا صديقي، ما ظلمتك، ألم تتفق معي على دينار؟ خذ مالك وانصرف.


فهذا الّذي أتى أخرا أريد أن أعطيه مثلك: ألا يجوز لي أن أتصرف بما لي كما أشاء؟ أم عينك حسود لأني كريم؟".



رحمة الله إذا هي أوسع وأشمل مما يقتضيه عدله، دون أن تخالف العدل. ويختم المثل "فهكذا يصير الآخرون أولين والأولون آخرين".



إضافة إلى ذلك نقول: أن المطهر هو اكتمال تكفير، قد يبدأ على الأرض ويشترك فيه الإنسان بحريته لأجل خلاصه وتطهيره، هذا ما أوضحناه سابقا.



٢) اعتراض آخر يقدمه البابا في نفس الكتاب يتلخص في الآتي: المطهر كتكفير هو ضد كفارة المسيح بل ويلغيها.


رداً على ذلك نوضح أن كفارة المسيح هو عن خطيئة العالم الذي يشترك فيها الكل "حمل الله الّذي يحمل خطيئة العالم" هذا الوضع الخاطئ الّذي يشمل البشرية.

وعن الإنسان كفرد مشترك في الوضع الخاطئ.


ولكن ما لم يفعله المسيح هو: إجبار الإنسان، بل أعطاه أن يعيش حريته كما أعطيت له، هذه الحرية جعلت يسوع يشرك الإنسان في خلاص نفسه بأي طريقة وإلا لما كان معنى لفداء المسيح المجبر على الإنسان ولكن يقول القديس بولس"أكمل ما نقص من آلام المسيح في جسدي" إذا الإنسان يشترك في خلاص نفسه بحريته.


والفداء والكفارة هي عمل مشترك بين المسيح والإنسان، الدعوة تتطلب تجاوبا معها.





خـاتمة :


إن مخطط الله الأزلي للإنسان، هو أن جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون.


هذا الخلاص والحق في الإنسان هما دعوته للقداسة.


والقداسة هو أن يشارك الإنسان لله في محبته وسعادته.


ولكي يحقق الإنسان هذه الشركة لابد أن يكون على نفس مستوى محبة الله، ومَن في البشر يصل إلى هذا الحد من المحبة الكاملة؟ من اجل هذا كان المطهر.


- فالمطهر هو حالة تطهير النفس، من كل شوائب الخطيئة، ليصل الإنسان إلى كمال المحبة، حيث لا يدخل السماء نجس أو رجس.



- المطهر هو نار الحب التي تُطهر، والإنسان يشترك في هذا التطهير بحريته، وكلما رأى نفسه قادر على التطهير والاقتراب من مجد الله، كان هذا فرح المطهر له.


ولأن المطهر هو حالة تكفير، فهو يبدأ على الأرض، مع الإنسان الذي يبدأ مسيرة توبته والتكفير عن خطاياه على الأرض.



- في الكلام عن المطهر لابد من الخروج من الزمن، فهو لا يرتبط بزمان أو مكان، لا يجوز استخدام قبل وبعد. ولكن الأفضل أن نقول أن المطهر هو شرط دخول السماء.


- عقيدة المطهر نشأت لوجود، الصلوات من اجل الموتى في الكنسية من قديم الزمن، وليس العكس.



- المطهر هو تكفير لأجل التطهير، هذا التكفير ليس ضد ولا يلغى كفارة المسيح على الصليب، ولكن يقول القديس بولس:"أكمل ما نقص في جسدي من آلام المسيح" هو اشتراك في كفارة المسيح، واشتراك الإنسان في خلاص نفسه.



- المطهر هو لحظة الحقيقة، لحظة اكتشاف حقيقة النفس أمام قداسة الله.



- الكلام عن الآخراويات، هو من اكثر الكلام الذي يواجه صعوبات، فهو لابد أن نخرج من الزمن. لأنه لا وجود للكلام عن شئ ملموس أو محسوس.



- وبالرغم من كل ما تتكلم فيه الكنيسة من عقائد وقضايا إيمانية، إلا إنها تبقى في مسيرة دائمة نحو الحقيقة. وتترك دائما الكلمة الأخيرة لله.






قائمة المصادر والمراجع


١- الكتاب المقدس، دار المشرق، بيروت، لبنان، ١٩٩١، الطبعة الثانية.


٢- التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، ترجمة مجموعة من الدارسين، المكتبة البولسية، بيروت، لبنان، ١٩٩٩.


٣- صبحي حموي اليسوعي (الأب)، معجم الأيمان المسيحي، دار المشرق، بيروت، لبنان، ١٩٩٤.


٤- أوغسطين دوبره لاتور (الأب)، دراسة في الاسكاتولوجيا، = سلسلة دراسات لاهوتية، ترجمة صبحي حموي اليسوعي، دار الشرق، بيروت، لبنان، ١٩٩٤ .


٥- ايسذوروس البراموسي (الأب)، الصلوات الطقسية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مكتبة مار جرجس، شبرا، مصر، د.ت.


٦- سليم بسترس (الأب)، اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر ج٣، = سلسلة الفكر المسيحي بين الأمس واليوم، ٤، المكتبة البولسية، بيروت، لبنان، ١٩٨٨.


٧- شنودة الثالث (البابا)، لماذا نرفض المطهر؟، القاهرة، ٢٠٠٠ ، الطبعة الثالثة.


٨- فرنسوا فاريون اليسوعي (الأب)، فرح الأيمان بهجة الحياة، ترجمة صبحي حموي اليسوعي، دار الشرق، بيروت، لبنان، ١٩٩٦ ، الطبعة الثالثة.


٩- لودويغ اوت، مختصر في علم اللاهوت العقائدي ج٢ ، ترجمة جرجس المارديني، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، لبنان، ١٩٦٥ .


١٠- لويس برسوم (الأب)، المطهر، المعهد الاكليريكي الفرنسيسكاني القبطي بالجيزة، القاهرة، ١٩٨٤ .


١١- مكسيموس كابس (الأب)، لماذا نؤمن بالمطهر؟ ج٢ ، مطبعة السلام، القاهرة، ١٩٨٩، الطبعة الثانية.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.