الأحد الثاني من زمن العنصرة : أحد الثالوث الأقدس
أَمَّا التَّلامِيذُ ٱلأَحَدَ عَشَرَ فذَهَبُوا إِلى ٱلجَلِيل، إِلى ٱلجَبَلِ حَيثُ أَمَرَهُم يَسُوع.
ولَمَّا رَأَوهُ سَجَدُوا لَهُ، بِرَغْمِ أَنَّهُم شَكُّوا.
فدَنَا يَسُوعُ وكَلَّمَهُم قَائِلاً: «لَقَدْ أُعْطِيتُ كُلَّ سُلْطَانٍ في ٱلسَّمَاءِ وعَلى ٱلأَرْض.
إِذْهَبُوا إِذًا فَتَلْمِذُوا كُلَّ ٱلأُمَم، وعَمِّدُوهُم بِٱسْمِ ٱلآبِ وٱلٱبْنِ وٱلرُّوحِ ٱلقُدُس،
وعَلِّمُوهُم أَنْ يَحْفَظُوا كُلَّ مَا أَوْصَيْتُكُم بِهِ. وهَا أَنَا مَعَكُم كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلى نِهَايَةِ ٱلعَالَم».
الرّسالة الأولى إلى سيرابيون، 19
أيّها البشر المجانين...، لم لا توقفون بحوثكم العلنيّة في موضوع الثالوث وتكتفون بالإيمان بوجوده، إذ إنّ لديكم مرشدًا وهو الرسول الّذي كتب: "لأَنَّه يَجِبُ على الَّذي يَتَقَرَّبُ إلى اللهِ أَن يُؤمِنَ بِأَنَّه مَوجود وأَنَّه يُجازي الَّذينَ يَبتَغونَه" (عب 11: 6)... لا يطرحنّ أحد أسئلة غير مجدية، بل دعونا نكتفي بتعلّم ما تحتويه الكتابات...قال الكتاب المقدس إنّ الآب نبع ونور، فقد جاء في إرميا: "تَرَكوني أَنا يَنْبوعَ المِياهِ الحَيَّة" (إر 2: 13)؛ وفي سفر باروك: "لقد تَرَكتَ يَنبوعَ الحِكمَة" (با 3: 12)، وجاء في رسالة القدّيس يوحنا الأولى: "إِنَّ اللهَ نورٌ لا ظَلامَ فيه" (1يو 1: 5). ولكنّ الابن، بالنسبة إلى النبع، يدعى نهرًا، لأنّ "نَهرُ اللهِ اْمتَلأ مِياهًا" (مز65[64]: 10)؛ وهو، بالنسبة إلى النور، يدعى شعاعًا إذ قال بولس إنّه "هو شُعاعُ مَجْدِه وصُورةُ جَوهَرِه،" (عب 1: 3). فالآب إذًا نور، والابن هو شعاعه...، وبالابن، نستنير بواسطة الروح؛ قال بولس الرّسول: "لِكَي يَهَبَ لَكم إِلهُ رَبِّنا يسوعَ المسيح، أَبو المَجْد، رُوحَ حِكمَةٍ يَكشِفُ لَكم عَنه تَعالى لِتَعرِفوه حَقَّ المَعرِفَة، وأَن يُنيرَ بَصائِرَ قُلوبِكم لِتُدرِكوا ما هو الرَّجاءُ الَّذي تَنطَوي عليه دَعوَتُه وما هي سَعَةُ المَجدِ في ميراثِه بَينَ القِدِّيسين" (أف 1: 17-18). ولكن حين نستنير، ينيرنا المسيح فيه، لأنّ الإنجيل قال: "كان النُّورُ الحَقّ الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان آتِياً إِلى العالَم" (يو 1: 9). كذلك، حيث أنّ الآب هو النبع والابن يدعى النهر، نقول إنّنا نشرب الرُّوح: "فإِنَّنا جَميعًا شَرِبْنا مِن رُوحٍ واحِد"(1كور 12: 13). ولكن إذ نستقي من الرُّوح، نشرب الرّب يسوع المسيح لأنّهم "فقَد كانوا يَشرَبونَ مِن صَخرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَتبَعُهم، وهذه الصَّخرَةُ هي المسيح" (1كور 10: 4)...بما أن الآب هو "الحَكيم وَحدَه" (راجع رو 16: 27)، فالابن هو حكمته، لأنّ "المسيح هو قُدرَةُ الله وحِكمَةُ الله" (1كور1: 24)؛ وإذ نتلقّى روح الحكمة، نمتلك الابن ونحوز على الحكمة التي فيه... الابن هو الحياة، فقد قال: "أنا الحياة" (يو 14: 6)؛ غير إنّه قيل إنّنا قد أُحيينا بالرُّوح، لأنّ القدّيس بولس كتب: "فإِذا كانَ الرُّوحُ الَّذي أَقامَ يسوعَ مِن بَينِ الأَمواتِ حالاًّ فيكُم، فالَّذي أَقامَ يسوعَ المسيحَ مِن بَينِ الأَموات يُحْيي أَيضًا أَجسادَكُمُ الفانِيةَ بِرُوحِه الحالِّ فيكُم" (رو 8: 11)، ولكن حين يحيينا الرُّوح، يصبح المسيح حياتنا... "فما أَنا أَحْيا بَعدَ ذلِك، بلِ المسيحُ يَحْيا فِيَّ" (غل 2: 20).حين يتواجد في الثالوث الأقدس هكذا تواصل ووحدة، فمن يستطيع أن يميّز الابن عن الآب أو الرُّوح عن الابن أو الآب؟... إنّ سرّ الآب لا يصلنا بواسطة براهين كلاميّة، إنّما بالإيمان والصلاة التي تنضح بالاحترام.
#شربل سكران بالله