الأحد الثاني عشر من زمن العنصرة: إيمان المرأة الكنعانيّة
إنْصَرَفَ يَسُوعُ إِلى نَواحِي صُورَ وصَيْدا،
وإِذَا بِٱمْرَأَةٍ كَنْعَانِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ النَّواحي خَرَجَتْ تَصْرُخُ وتَقُول: «إِرْحَمْني، يَا رَبّ، يَا ٱبْنَ دَاوُد! إِنَّ ٱبْنَتِي بِهَا شَيْطَانٌ يُعَذِِّبُهَا جِدًّا».
فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَة. ودَنَا تَلامِيذُهُ فَأَخَذُوا يَتَوَسَّلُونَ إِلَيْهِ قَائِلين: «إِصْرِفْهَا، فَإِنَّهَا تَصْرُخُ في إِثْرِنَا!».
فَأَجَابَ وقَال: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلى الخِرَافِ الضَّالَّةِ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيل».
أَمَّا هِيَ فَأَتَتْ وسَجَدَتْ لَهُ وقَالَتْ: «سَاعِدْنِي، يَا رَبّ!».
فَأَجَابَ وقَال: «لا يَحْسُنُ أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ البَنِين، ويُلْقَى إِلى جِرَاءِ الكِلاب!».
فقَالَتْ: «نَعَم، يَا رَبّ! وجِرَاءُ الكِلابِ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الفُتَاتِ المُتَسَاقِطِ عَنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا».
حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: «أيَّتُهَا ٱلمَرْأَة، عَظِيْمٌ إِيْمَانُكِ! فَلْيَكُنْ لَكِ كَمَا تُريدِين». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ شُفِيَتِ ٱبْنَتُهَا.
العِظَةُ ٣٣، ٱلْأُولَىٰ لِلْأَحَدِ ٱلثَّانِي مِن زَمَنِ ٱلصَّوْمِ
"خَرَجَ يَسوعُ مِن هُناكَ وَذَهَبَ إِلىٰ نَواحِي صُورَ وَصَيدا" (مَت ١٥: ٢١). عِندَما "صارَ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ بَشَرًا وَسَكَنَ بَيْنَنَا" (رَاجِع يُو ١: ١٤)، فَقَد خَرَجَ مِن لَدُنِ ٱلْآبِ لِيَأْتِيَ إِلَىٰ ٱلْعَالَمِ (رَاجِع يُو ١٦: ٢٨). هُوَ ٱلَّذِي "كانَ في صُورَةِ ٱللّٰهِ" قَد خَرَجَ مِن مَوطِنِهِ لِكَيْ "يَتَجَرَّدَ مِن ذَاتِهِ، مُتَّخِذًا صُورَةَ ٱلْعَبْدِ" (رَاجِع فِي ٢: ٦–٧) "في جَسَدٍ يُشْبِهُ جَسَدَنَا ٱلْخَاطِئَ" (رَاجِع رُو ٨: ٣)، لِكَيْ يَجِدَهُ كُلُّ مَن يَخْرُجُ مِن بَيْتِهِ في مِنْطَقَةِ صُورَ وَصَيدا... فَلْتَخْرُجْ إِذًا ٱلْمَرْأَةُ ٱلْكَنْعَانِيَّةُ (مَت ١٥: ٢٢) مِن دَاخِلِ مَوْضِعِهَا وَلْتَلْتَقِ، عَلَىٰ حُدُودِ بَلَدِهَا، بِٱلطَّبِيبِ ٱلَّذِي أَتَىٰ بِمَلْءِ إِرَادَتِهِ، خَارِجًا بِفِعْلِ ٱلرَّحْمَةِ مِن مَوْضِعِهِ ٱلْخَاصِّ بِهِ. بِكُلِّ طِيبَةِ قَلْبٍ، قَدَّمَ ذَاتَهُ في مَوْضِعٍ غَرِيبٍ، لِلْمَرِيضِ ٱلَّذِي مَا كانَ ٱسْتَطَاعَ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ لَوْ بَقِيَ في مَوْضِعِهِ ٱلْخَاصِّ. كَوْنُهُ إِلٰهًا قُدُّوسًا، عَادِلًا وَجَبَّارًا، فَقَدْ كانَ في ٱلْأَعَالِي، وَكانَ مُحَرَّمًا عَلَى ٱلْإِنْسَانِ ٱلْبَائِسِ ٱلصُّعُودُ نَحْوَهُ... وَبِمَا أَنَّهُ مَلِيءٌ رَحْمَةً، فَقَدْ حَقَّقَ مَا يَتَلَاءَمُ مَعَ ٱلرَّحْمَةِ: لَقَدْ أَتَىٰ إِلَىٰ ٱلْخَاطِئِ...فَلْنَخْرُجْ إِذًا، يَا إِخْوَةُ، فَلْيَخْرُجْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا مِن مَوْضِعِ ظُلْمِنَا ٱلْخَاصِّ... أَبْغِضِ ٱلْخَطِيئَةَ، فَتَجِدْ نَفْسَكَ خَارِجَهَا. إِنْ أَبْغَضْتَ ٱلْخَطِيئَةَ، سَتَلْتَقِي بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ حَيْثُ هُوَ مَوْجُودٌ... وَلٰكِنَّكَ سَوْفَ تَقُولُ إِنَّ ذٰلِكَ صَعْبٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْكَ، وَإِنَّهُ، بِدُونِ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ، يَسْتَحِيلُ عَلَى ٱلْإِنْسَانِ أَنْ يَكْرَهَ ٱلْخَطِيئَةَ وَأَنْ يَبْغِيَ ٱلْعَدَالَةَ، وَأَنْ يَرْفُضَ ٱلْخَطَأَ وَيَبْغِيَ ٱلتَّوْبَةَ. "فَلْيَحمَدوا ٱلرَّبَّ لِأَجْلِ رَحمَتِهِ وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي ٱلْبَشَرِ!" (مَز ١٠٧[١٠٦]: ٨). فَإِذَا كانَ، بِنِعْمَتِهِ، قَدْ جَعَلَ تَوَاجُدَهُ مَنْظُورًا في مِنْطَقَةِ صُورَ وَصَيدا حَيْثُ تَمَكَّنَتِ ٱلْمَرْأَةُ مِنْ مُقَابَلَتِهِ، فَإِنَّهُ بِنِعْمَةٍ خَاصَّةٍ أَيْضًا قَدْ أَخْرَجَ سِرًّا هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةَ مِنْ أَعْمَاقِ دَاخِلِهَا...تُرْمِزُ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ إِلَى ٱلْكَنِيسَةِ ٱلْمُعَدَّةِ مُنْذُ ٱلْأَزَلِ، وَٱلْمَدْعُوَّةِ وَٱلْمُبَرَّرَةِ في ٱلزَّمَنِ، وَٱلْمُعَدَّةِ لِلْمَجْدِ في نِهَايَةِ ٱلْأَزْمِنَةِ (رَاجِع رُو ٨: ٣٠): تُصَلِّي بِٱسْتِمْرَارٍ لِٱبْنَتِهَا، أَيْ لِلْمُخْتَارِينَ فَرْدًا فَرْدًا.
#شربل سكران بالله