29 May
29May

جدّد البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي دعمه ومباركته لمجموعات الثّورة والحراك المدنيّ مُعتبرًا أنّها شعلة رجاء وأمل في ظلمة الأيّام.وفي كلمة أمام مجموعات الثّورة في لقاء عُقد بعد ظهر الأربعاء في الصّرح البطريركيّ في بكركي بتنظيم من حركة "نحو الحرّيّة" ضمّ مشاركين من مختلف الطّوائف والمناطق اللّبنانيّة، قال الرّاعي: "شكرًا لقدومكم من كلّ المناطق اللّبنانيّة شباب وشابّات الثّورة والحراك، يحرّككم الانتماء للبنان والمواطنة اللّبنانيّة وهذا ما نعتزّ به منذ بداية ثورة 17 تشرين. أشكركم على كلّ الكلمات الّتي تفضّلتم بها والصّرخات الّتي أطلقتموها والّتي هي بمثابة برنامج عمل سأعود إليه في كلّ الخطوات الّتي أقوم بها داخليًّا وخارجيًّا وخاصّة في موضوعي الحياد والمؤتمر الدّوليّ من أجل لبنان."


وتابع: "سأُجيب في كلمتي عن ثلاثة أسئلة طُرحت عليّ:


الأوّل: ما هو المطلوب من الحراك المدنيّ لكسب ثقة النّاس؟


نحن باركنا الحراك منذ انطلاقته لأنّني رأيت فيه شعلة رجاء جمعت مواطنين من كلّ المناطق وكلّ الطّوائف وربّما من كلّ الأحزاب، جمعهم الوجع والمعاناة والوضع السّياسيّ والاقتصاديّ والمعيشيّ، فباركنا هذا الحراك لأنّنا بأمسّ الحاجة لثورة حضاريّة، وقد أسميناها ثورة حضاريّة كي لا يختلط أصحاب النّوايا الوطنيّة والمخلصة مع من تسلّلوا في صفوف الحراك والثّوّار وقاموا بانتهاك الأملاك والمؤسّسات الخاصّة والعامّة، وهو أمر مرفوض تمامًا، فالمطلوب اليوم من الحراك تجنّب إزعاج النّاس من خلال قطع الطّرقات وإشعال الإطارات دون التّفكير بأرزاق النّاس، فلا يمكننا بعد اليوم أن نعاقب النّاس ونقطع بأرزاقهم، لأنّ ثورتنا هي ضدّ الممارسة السّياسيّة المرفوضة ولكن المواطن هو الّذي يدفع الثّمن من جرّاء قطع الطّرقات، لذا يجب اعتماد التّظاهر السّلميّ والحضاريّ والقانونيّ وهو حقّ مقدّس يُكسب الحراك ثقة النّاس، كما علينا تجنّب أيّ أمر يُفقد اللّبنانيّين والأجانب الثّقة بلبنان كالاعتداء على الأملاك الخاصّة والمطاعم والمصارف، فنحن نريد كسب ثقة النّاس بطريقة إيجابيّة كي ينضمّوا إلى الثّورة ويزداد عدد الثّوّار.


الثّاني: ما هي الثّغرات الموجودة في الحراك؟


أنا في الحقيقة لن أتكلّم الآن عن ثغرات، بل عندما تصبح الأمور أكثر وضوحًا وتتّضح خارطة الطّريق، اليوم أفضّل الحديث عن تنظيم ووضع خطّة شاملة للحراك، فيجب أن نعمل على صقل التّربية الوطنيّة والثّقافيّة، فأيّ حزب اليوم لا يملك عقيدة وخطّة واضحة؟


ما نطلبه اليوم من الحراك هو أن يضع خطّة وأن يقوم بتنظيم نفسه وأن يعرف إلى أيّ طريق يتّجه وما هي أهدافه والوسائل وطرق الوصول، لأنّ مقولة فلتسقط الدّولة لو كرّرناها مئة عام لن تغيّر في شيء. المطلوب تغيير عقليّة المجتمع وتحضير بدائل وأجيال جديدة تستطيع تغيير التّركيبة من الدّاخل، هذا هو طريقنا الوحيد لتُثمر جهود شباب وشابّات الثّورة."


الثّالث: "ماذا تعني التّعدّديّة الّتي تميّز لبنان عن كلّ بلدان المنطقة الأحاديّة؟


تعني أن يقبل الجميع أنّنا كمواطنين لبنانيّين رفاق درب في بناء وطن، ونغتني من بعضنا البعض المسيحيّ والمسلم من خلال بناء الثّقة واعتبار الآخر أخ وشريك في بناء الوطن وما يجمعنا هو الاحترام والتّعاون المتبادل لبناء الدّولة، فالتّربية قد رسّخت في أذهاننا أنّنا أعداء وهو أمر غير صحيح، لأنّ بناء الوطن من جديد يعني بناء التّنوّع والتّعدّد وتقبّل الآخر والعمل على هدف واحد وهو بناء لبنان الأفضل الّذي سيستعيد التّاريخ المشرق، والحرص على أن يستطيع الحراك تغيير المجتمع والذّهنيّة الاقتصاديّة والسّياسيّة والتّجاريّة، وهذا الأمر سيستغرق وقتًا طويلاً، لأنّ التّغيير يتطلّب عملاً دؤوبًا، وميزتنا الكبيرة في لبنان هي الميثاق الوطنيّ الّذي نُصّ عام 1943 وجُدّد في اتّفاق الطّائف، والّذي كرّس العيش المشترك بين المسيحيّين والمسلمين بالاحترام والتّعاون المتبادل وإعطاء الفرصة ببناء دولة بمشاركة الجميع، وهو أمر نظّمه الدّستور، أمّا بالممارسة فتحوّل إلى صراع على الحصص وهذا ما حصل في الوزارت والإدارات العامّة."


وعن لبنان اليوم قال البطريرك: "لبنان اليوم مريض وبحاجة إلى استعادة صحّته، لبنان ليس بحاجة إلى أن يتغيّر بل إلى استعادة هويّته الحقيقيّة بمساعدة هذا الجيل وهذا الحراك، فلبنان بحاجة إلى استعادة بهائه وجماله وسُمعته الرّائعة في كلّ دول العالم، والسّبيل الوحيد هو العمل الدّؤوب وأن نكون كالخميرة الّتي ستغيّر النّهج السّياسيّ والاقتصاديّ والماليّ والثّقافيّ، فقد وصلنا إلى مرحلة لم يعد فيها لبنان يشبهنا، فهذا ليس لبنان الّذي نعرفه، وأنتم كحراك مدنيّ وثورة أدركتم هذا الأمر وسويًّا يجب أن نعمل للتّغيير، وبين أيدينا اليوم وسائل تواصل اجتماعيّ نستطيع استخدامها لتوجيه هذا التّفكير من خلال إنشاء مجموعة تفكير وتخطيط تستطيع التّأثير وقيادة شباب الثّورة، فانظروا أين أصبحنا اليوم بفضل السّياسات الخاطئة، انظروا إلى الحالة الاقتصاديّة والسّياسيّة والاجتماعيّة الّتي وصلنا إليها، وأتت جائحة كورونا لتزيد الطّين بلّة ولتجعل لبنان يخسر كلّ قواه الحيّة وتزداد نسبة الهجرة، فأهمّ الأطبّاء والمعلّمين والمهندسين وخبراء المال هاجروا بنسب كبيرة إلى دول الخليج، المشكورة لاحتوائها مئات آلاف اللّبنانيّين، فلبنان في الماضي كان المصرف والمستشفى والجامعة والسّياحة والحرّيّة، لكن هذه المقولة لم تعد تصحّ اليوم، فالأطبّاء والأساتذة هاجروا، والمصارف مقفلة ولا تعمل كما يجب، والسّياحة تعاني ...


ما قلته لكم اليوم قد سبق وكتبته في الميثاق التّربويّ الوطنيّ الشّامل، شرعة الأجيال اللّبنانيّة الجديدة، وهو في تصرّفكم كي نتمكّن من وضع خطّة عمل وبثّها عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وأعود وأكرّر لكم أنّ التّغيير يتطلّب وقتَا طويلاً، وأنتم الخميرة الّتي بإمكانها تغيير كلّ شيء واستعادة لبنان الّذي ولد عام 1920 بعد مسيرة طويلة من النّضال، ثمّ سقط في الحرب الأهليّة وحاول النّهوض مجدّدًا، واليوم يعتمد علينا. "


وكان اللّقاء الّذي قدّمه كلوفيس الشّويفاتي بدأ بكلمة ترحيب من الأب فادي تابت تلاه فادي الشّاماتي الّذي تحدث بإسم حركة نحو الحرّيّة وجاء في كلمته: "حين يتهدّد الكيان وتنتهك الحرّيّات، يتطلّع اللّبنانيّون إلى الصّرح البطريركيّ في بكركي، منارة الضّمير وصوت الحقّ السّاعي إلى بقاء لبنان، معقلاً للحرّيّة ورسالة للعالم عنوانها "العيش معًا". وهذا ما تحتاجه الإنسانيّة جمعاء، ويتوق إليه شرقنا المعذّب الباحث دومًا عن السّلام، وهذا ما نؤمن به نحن الحاضرون هنا على اختلاف طوائفنا ومعتقداتنا".


وأضاف: "إنّ أكبر المخاطر، هي تلك المتمثّلة بوجود دولة داخل الدّولة، تتسلّط على قرار الحرب والسّلم وعلى مفاصل الدّولة منتهكة كلّ شرعيّة دستوريّة وقانونيّة، وتتدخّل عسكريًّا وسياسيًّا في صراعات، لا دخل للّبنانيّين بها، ممّا أدخل لبنان في سياسة محاور قاتلة، أفقدته عون واهتمام أصدقائه التّاريخيّين وأصبح كالمنبوذ المشرّد على قارعة الأمم."


وأشار إلى أنّ اللّبنانيّين أمام خيارين: خيار الاستسلام أمام الانقلاب، المرتكز إلى قوّة السّلاح والمال الخارجيّ، الّذي يستخدم كافّة الوسائل لانتهاك الدّستور ونسف روح الميثاق وضرب القوانين، أو خيار الصّمود والمواجهة، بالاستناد إلى قوّة الحقّ، حقّ اللّبنانيّين بالحرّيّة، وحقّهم بدولة حرّة سيّدة مستقلّة، يُحترم فيها الدّستور والقانون، وهذا ما يوفّره حيادها، الّذي قامت عليه أساسًا والّذي تنادون به".


ثمّ تحدّث نائب رئيس حركة لبنان الرّسالة العميد المتقاعد خليل الحلو الّذي عرض لمفهوم وشروط الحياد وقال: "الشّرق الأوسط هو منطقة صراعات وتسويات منذ عقود لا بل منذ قرون، وهذه الصّراعات والتّسويات انعكست سلبًا على لبنان بسبب موقعه الجغرافيّ وتعدّديّة شعبه، ولا يبدو في الأفق أنّها ستنتهي قريبًا، لذلك الحياد حتميّ لكي يستطيع لبنان أن يعيش بصورة طبيعيّة. مفهوم هذا الحياد يجب أن يحاكي واقع المنطقة الّذي لا يستطيع اللّبنانيّون ولا العالم تغييره، أقلّه على المدى المنظور". وأشار إلى أنّ الحياد في لبنان يجب أن يستوفي الشّروط التّالية:
1- جيش مركزيّ قويّ وإبقائه على هذه الجهوزيّة وتطويره، وهذا ممكن بواسطة الدّول الصّديقة إذا اعتمدنا الحياد.


2- وضع سياسة دفاعيّة في مجلسي الوزراء والنّوّاب (لم يسبق للبنان أن وضع هكذا سياسة)، تنبثق عنها استراتيجيّة دفاعيّة ثمّ استراتيجيّة عسكريّة مبنيّتان على عقيدة قتاليّة قائمة على منع أيّ طرف لبنانيّ وغير لبنانيّ من القيام بالاعتداء على دول المنطقة العربيّة وغير العربيّة دون استثناء ومنع التّدخّل في شؤونها الدّاخليّة، وتطبيق اتّفاقيّة الهدنة مع إسرائيل (1949) وقرار مجلس الأمن 1701 والتّصدّي لأيّ اعتداء عبر الحدود كافّة.


وتحدّثت السّيّدة لينا حمدان بإسم ثوّار بيروت وقد اعتبرت أنّ المطلوب اليوم هو تطبيق الاستراتيجيّة الدّفاعيّة الّتي تضمن حماية لبنان وصونه من أيّ اضطراب داخليّ أو خارجي وذلك لأنّها تتّسم بشمولها جميع مؤسّسات الدّولة ومواردها ضمن آليّات متكاملة تعتمد على مركزيّة القرار ولا مركزيّة التّنفيذ.


كما تحدّث هيثم عربيد بإسم ثوّار "صرخة جبل" وقال: "بناءً لتراكم الألم والانحدار، استفاق المارد المأسور، وهو الشّعب، ليخطّ ثورته بنداء التّغيير والتّطوير والارتقاء، عبر نسج قوّة التّحرّر من كلّ مخلّفات منظومة الفساد الّتي حطّمت منتديات العقول التّوّاقة لوطن التّنوّع ضمن الوحدة...


لذا، ارتبك الحاكم من ثورةٍ تخطّت سجونه، وحطّمت معاقل دويلاته المملوكة بصكوكٍ طائفيّة لا تدرك معنى الحياة والخير والجمال. بل تعي التّعنّت بتوزيع الغنائم على حساب الشّعب كلّ الشّعب. لا، لن نسمح باستمرار معتقلات السُّلطة المحطّمة لكلّ آمال الشّعب اللّبنانيّ الثّائر لتحقيق وطن العدالة والإبداع والفنّ والتّقدّم، وسنمضي بالثّورة التّشرينيّة الهادفة لاستعادة الدّولة، ورفض دويلات الطّوائف والانقسام والمحاصصة والتّشرذم".


بعد ذلك ألقت ألدكتورة جنان عبد القادر كلمة ثوّار طرابلس وجاء فيها: "لقد كانَ لنداء البطريرك التّاريخيِّ في 27 شباط وقعُ العزاءِ في قلوبنا وبارقةِ الأملِ الّتي تمسّكنا بها بعد أن كادَ اليأسُ من غد يقضي على أيّ أملٍ في نفوسِنا ورجاءٍ بوطننا.


جئناكُم بآمالنا نحن الشّبابُ الثّائرُ ضدّ كلِّ الّذين يقودون لبنانَ في رحلةٍ مأساويّةٍ من دركٍ إلى آخر في الجحيم.
جئناكُم من شمالِ لبنانَ من عكّارَ ومن عاصمةِ الشّمالِ طرابلسَ مدينةِ السّلامِ والتّعايشِ من ساحةِ النّورِ الّتي احتلّت مركزَ القلبِ لدى اللّبنانيّين المنتفضين، فإذا صمتت الألسنةُ فجدرانُ مبانيها المهملةِ تنطقُ هناك حيثُ رسمَ العلم اللّبنانيّ، يتوسّطهُ بُرعُمُ أرزة لبنان الّتي انبعثت من جديدٍ. كنّا آملين يا صاحبَ الغبطةِ أن يجتاح النّورُ ظلامِ نفوسِ السّياسيّين ولكن قد أَسمعتَ لوناديتَ حيآ ولكن لا حياةَ لمن تنادي .


إنّنا لن نرضى بعد اليوم إلّا بثلاثيّةِ بطريركِ لبنانَ مار بشارة بطرس الرّاعي حياد جيش وسيادة ".
وأخيرًا تحدّث محمّد علي الأمين وقال في كلمته: "سنبقى منحازينَ إلى الحقّ والحقُّ فيما تُطالبُ بهِ المرجعيّةُ الوطنيّةُ بكركي من استرجاعٍ للدّولةِ المستقلّةِ السّيِّدةِ الّتي لا شريكَ لها في القرارِ والأمنِ والدّفاعِ ولا هيمنةَ عليها منَ السّلاحِ غيرِ الشّرعيّ تحت أيٍّ من المسميّاتِ ولا فسادَ ينخرُ مؤسّساتِها."


وأضاف الأمين: "لا يُمكنُ الادّعاءُ من أحدٍ أيِّ أحدٍ بأنَّ حقوقَ طائفتِهِ تُختصرُ بحزبهِ ليسلِبَ به حقوقَ لبنانيّينَ آخرينَ ويضيّعَ الشّراكةَ والمواطنةَ بين اللّبنانيّينَ. ولأنّنا لبنانيّون، نرفض عسكرة الطّائفة ووضع لبنان في أيّ معادلة تستبيح العيش بين اللّبنانيّين. فالدّولة فقط وفقط هي المؤسّسة الكبرى المنبثقة عن إرادة الشّعب وهي الّتي تتولّى الدّفاع وحدها عن البلاد وتطبيق القوانين بسلطاتها القضائيّة وبقواها الأمنيّة والعسكريّة الشّرعيّة وكلّ ما عداها من عناوين الشّراكة لها في ذلك هي عناوين للسّيطرة على الدّولة وإسقاطها."




#Saintcharbel22 

#شربل سكران بألله 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.